|
بقلم: جيل كوركنديل
منذ وقت طويل، وخلال الصيف الأولمبي الذهبي في بريطانيا، بلغت قناة «بي بي سي» أوج ذروتها في مجال البث عبر الأثير للعموم في خلال مسيرتها الممتدة على 90 عاماً، مثيرة البهجة في قلوب المستمعين حول العالم من خلال تغطية قاطعة للأنفاس للألعاب الأولمبية والفرحة العارمة المرافقة للفوز. والآن، وبعد أشهر قليلة فقط، تشهد المؤسسة اضطرابات، وتعرقل مسارها مواضيع أثارت الجدل مؤخراً وكشفت النقاب عن ضعف قيادتها وعدم فعالية وغرور إدارتها.
ولا شك لديّ أبداً في أن «بي بي سي» ستخرج من مرحلة الأزمة هذه أقوى من قبل. إلا أنّه بهدف تحقيق ذلك، من الضروري أن يجيب قادتها عن بعض الأسئلة الحاسمة:
- إدارة الأزمات: تعذّر على قيادة «بي بي سي» استباق أوّل أزمة اجتاحتها (مع تخلّيها عن تحقيق في مزاعم اعتداءات جنسية أقدم عليه المذيع الطويل الأمد في «بي بي سي» جيمي سافيل، وزاد من حدتها نشوء أزمة ثانية (مع بث تقرير يربط خطأ شخصية سياسية كبيرة بحلقة استغلال جنسي للأطفال). فما هي الضوابط والمعايير المطلوبة في قناة «بي بي سي»؟
- الفشل في القيادة: أفاد كريس باتن، رئيس مجلس إدارة «بي بي سي ترست»، بأن عدد القادة في قناة «بي بي سي» يفوق عدد القادة في الحزب الشيوعي الصيني. وقد سخر أهم الصحافيين في «بي بي سي» من مدراء القناة وقادتها، واصفين إياهم بأنهم «جبناء ومنعدمي الكفاءة» يحصلون على أجر مرتفع. فما الإستراتيجية التي ستعتمدها قيادة «بي بي سي» وكيف ستطوّر المؤسسة كادراً جديداً من القادة؟
- التصلّب البنيوي: وعد باتن بإطلاق «إعادة هيكلة بنيوية جذرية». ولكن ما الطريقة المحدّدة التي سيعتمدها فريق القيادة الجديد للتخلّص من التركيبات الصدئة في «بي بي سي»، التي وصفها أحد المعلّقين بأنها عبارة عن تسلسلات هرمية متراكمة ضمن مصفوفات، تتخللها ألقاب متداخلة يحملها أشخاص جلّ ما يفعلونه هو «حضور الاجتماعات وإلقاء اللوم على الآخرين»؟
- خسارة الثقة: وفق استطلاع صدر في التقرير السنوي لمؤسسة «بي بي سي» لفترة 2012/2011، كانت نسبة 59 في المئة من البريطانيين تثق بقناة البث العامة أكثر من أي مصدر إخباري آخر. فإلى أي مدى تدهورت هذه الثقة منذ الفضيحتين؟ وكم من الوقت ستستلزم إعادة بنائها بالنسبة إلى قناة «بي بي سي»؟
إنّها لتحدّيات صعبة. ويبقى أن نرى ما إذا كان قادة «بي بي سي» سيبحثون عن مصدر إلهام داخل المؤسسة أو خارجها في سبيل مواجهتها.
(جيل كوركنديل مدربة تنفيذية وكاتبة اتخذت من لندن مقراً لها، تركّز نشاطها على الإدارة والقيادة عالمياً. وكانت تعمل في السابق كمحررة إدارية في مجلة «فاينانشال تايمز»).