أهم الأهداف التي قامت عليها مكتبة الملك فهد الوطنية - وهي معلنة في تنظيمها وهياكلها - أنها ترعى الثقافة وتسهم في رقي الأدب والمعرفة إلى جانب تخصصها الدقيق والعميق في شؤون الكتب والمؤلفات والمخطوطات، وكل ما يتعلق في حفظها وتقنيتها، والعمل على حصرها وترقيمها وفهرستها، وفق المعايير العالمية.

أما رعاية الثقافة والأدب فهو بيت القصيد في هذه المساجلة التي نُجاذب فيها المكتبة أطراف الحديث، لنتساءل في ظل إشراف سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله على مجلس أمنائها، وشؤونها. ووجود أمينها الجديد الأستاذ محمد بن عبدالعزيز الراشد، وطاقمها الفني والإداري، واقتراب اكتمال توسعة مبناها الحضاري الجميل في العاصمة الرياض.

فالفقرة (14) من المادة (الثانية) من مهام وأهداف المكتبة الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (80) بتاريخ 6-5-1410هـ الذي ينص على التالي:

(إقامة وتنظيم معارض الكتب والندوات والمؤتمرات)

إلا أن ما يلحظ في هذه الفقرة أن المكتبة لم تفعل حتى الآن هذا الدور، أو تسعى إليه، لا من قريب ولا من بعيد، فلم نر لها أي دور في إقامة، أو تنظيم معارض الكتب كجزء حيوي من مهامها وأهدافها التي تسعى إليها، بل إن ما يلاحظ على وجودها بمعرض الرياض الدولي للكتاب في كل عام، أو مشاركتها في المعارض العالمية هو وجودها ضيف محتشم، أو بوصفها مُشَارِكة كأي جهة أخرى!!

هنا لا نقلل من أدوار مكتبة الملك فهد الوطنية في مجال جمع وتوثيق المعلومات والمؤلفات وحفظ التراث المخطوط، والفهرسة والترقيم والأرشفة بمعايير متطورة وغاية في الجودة والإتقان، كما أننا لا نقلل من جهود الجهات الثقافية الأخرى التي تقوم بأداء دورها في تنظيم المعارض، إنما نود أن يكون هناك ثراء في التجربة الثقافية والمعرفية في كافة المجالات والقنوات، وأن يكون للمكتبة دور أكثر في ريادة النشاط والتعريف بما لدينا من تراث ثقافي ومعرفي غني، لا سيما وأن ما نشير إليه هنا هو من صميم أهداف المكتبة وأدوارها الرائدة.

فالهدف الحيوي في هذه الفقرة يجعلنا نتطلع إلى جهد منبري جديد تسهم فيه المكتبة، لرفع قدرات النشاط المعرفي بعد أن ظلت المشاركات والإسهامات في هذه المعارض محدودة الأثر، لا سيما في جانبها المنبري الذي لم يفعل حتى الآن، ولعل المكتبة ـ لو تسلمت زمام المبادرة في هذا النشاط المميز ـ أن تخلق مناخاً متطوراً يقبل عليه الجيل الجديد الذي نحن بحاجة إلى أن نتفاعل معه ويتفاعل معنا من خلال طروحات عصرية تحقق أهداف المشروع الثقافي في بلادنا.

وبانتظار دور المكتبة الوطنية وإدارتها الجديدة في تفعيل الأنشطة المنبرية فإننا نشير إلى أنها قادرة على إقامة مثل هذه الأنشطة المعرفية والثقافية والمنبرية، لا سيما وأنها المعنية - كما أشرنا سلفا - في الإشراف على هموم الثقافة والمعرفة من قبيل تخصصها الوارد ذكره فيما بين فقرات المهام الأربعة عشر، على نحو معارض الكتب الدولية، ورعاية الأنشطة الثقافية، بل وحتى تفعيل الدور الأدبي ولو من خلال جائزة باسمها، أو رعايتها لأي نشاط متميز، أو دعم لأي جانب معرفي يعود بالنفع على المثقفين والأدباء، بدلاً من الاكتفاء بمجرد طلب توريد نسختين من كل مؤلف.