تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قبول دولة فلسطينية كعضو مراقب وبالعدد الكبير الذي أيد ذلك القرار، والذي تجاوز ثلاثة أرباع أعضاء الجمعية، فيما لم يعارضه سوى 9 أعضاء، وامتناع 41 دولة تُعَدُّ من الناحية السياسية مؤيدة للقرار، إذ عادة ما تكون الدول الممتنعة للتصويت أقرب للموافقة.. هذه النتيجة تؤكد أنَّ الأسرة الدولية وبهذه الأكثرية تقر حق الفلسطينيين في إقامة الدولة الفلسطينية على حدود أرض فلسطين قبل عدوان 5 حزيران في عام 1967، وهو بهذه النتيجة يلغي المزاعم الإسرائيلية بأن أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة أراضٍ متنازع عليها، ولهذا فإنَّها تقيم المستعمرات الصهيونية على تلك الأرض.
الآن، وبعد إقرار الأسرة الدولية وبالنتيجة التي تابعها العالم، يتأكد الحق الفلسطيني الشرعي بأراضيهم التي احتلتها إسرائيل في حزيران عام 1967، وأن حدود فلسطين هي ما كانت عليه قبل الخامس من حزيران من ذلك العام، وبالتالي فإنَّ كل ما قامت به إسرائيل من تغيير على خارطة الأرض ومن بينها إنشاء المستعمرات الصهيونية التي قسمت الأراضي الفلسطينية وخاصة في الضفة الغربية التي قطعت أوصالها مما جعل من الصعوبة تواصل المواطنين الفلسطينيين فيما بينهم والتنقل بين المدن والقرى التي قسمت بعضها من خلال الجدار العنصري، أو إقامة مستعمرات داخلها كما هو في مدينة الخليل ونابلس، وتطويق القدس بالعديد من هذه المستعمرات التي عمل الإسرائيليون على التوسع في إنشائها لإحباط “خطة الطريق” الدولية التي تقضي بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب الدولة العبرية وفق ما سمي بإقامة الدولتين، فوجود المستعمرات الصهيونية داخل الضفة الغربية والتوسع فيها وإحاطة القدس بتلك المستعمرات يلغي تماماً إمكانية إقامة دولة فلسطينية وفيها كل هذه البؤر الإسرائيلية، فضلاً على أن هذه المستعمرات تدمر مدناً فلسطينية كبرى، فبالإضافة إلى تطويق القدس، والتهويد المبرمج للقدس الشرقية، هناك توسع في إقامة المستعمرات الصهيونية في مدينة الخليل أكبر مدينة فلسطينية في الضفة الغربية، فقد زرع الصهاينة في وسط هذه المدينة العريقة مستعمرة “كريات أربع” التي خلقت توتراً وقلقاً متزايدين، وفرضت على المواطنين الفلسطينيين قيوداً جعلتهم لا يتحركون إلا في مناطق وشوارع محددة، فيما أشاعت للإسرائيليين التحرك بكل حرية في مناطق المدينة، وهناك شوارع لا يحق للفلسطينيين قيادة السيارات فيها وأن يقتصر تحركهم على السير على الأقدام، فيما يقود الإسرائيليون سياراتهم في تلك الشوارع حتى التي جلبوا إليها من خارج فلسطين.
والآن، وبعد قرار عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، واعتبار أراضيها أراضي محتلة، يجب على الأسرة الدولية وبالذات الدولة المؤثرة أن تتحرك لوقف إقامة المستعمرات الإسرائيلية، وبحث قانونية المستعمرات السابقة تمهيداً لتفكيكها مثلما حصل ذلك في شبه جزيرة سيناء بعد تحريرها.
jaser@al-jazirah.com.sa