في أبريل من هذا العام نشر موقع شبكة الجزيرة القطرية تقريراً عن الحرب التي أعلنتها السلطات الصينية ضد الشائعات مشيراً إلى أن الشائعات تزداد في أوقات الأزمات والقلق وكذلك فترات التحول السياسي والاجتماعي، كما تزداد عندما تختفي الحقائق وتنعدم الشفافية وتضعف المصداقية في الوسائل الإعلامية.
ومن الوسائل التي لجئت إليها تلك السلطات في الحرب على الشائعات هو حجب بعض مواقع التواصل الاجتماعية والتي كانت تبث الشائعات بصفة دورية وتشديد الرقابة على بعضها الآخر وإلغاء خدمة التعليق على الأخبار في صفحات الإعلام الرسمية كما فرضت وجوب تسجيل الأسماء الحقيقية ورقم البطاقة الشخصية ورقم الهاتف في حسابات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعية ومتصفحي شبكة الإنترنت الذين وصلت أعدادهم إلى نحو 600 مليون متصفح.
وقد قامت السلطات الصينية باتخاذ هذه الإجراءات ضد الشائعات لأنها لم تتوقف عند حد الترويج لسلع مزورة أو الترويج لأنباء رفع للأسعار أو انتشار بعض الأمراض بل إن الأمر تجاوز هذا الحد ليصل إلى رأس الهرم السياسي في الحزب الشيوعي الصيني وهو مقر إقامة قادة الحزب والدولة إذ سرت شائعات عن سماع أصوات أعيرة نارية داخل المجمع واحتمال حدوث انقلاب عسكري مما ساهم في نشر تلك الشائعات بشكل كبير كما ساهم الإعلان عن تجميد عضوية يو شي لاي عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي وأمين الحزب وتجريده من كافة مناصبه الحكومية والحزبية من انتشار تلك الشائعات على نطاق واسع.
وتعد الشائعات من أخطر الحروب المعنوية وأشد الأسلحة تدميرا وهي تعد ظاهرة عالمية ذات خطورة كبيرة على المجتمعات وتحتاج إلى تصدي واهتمام وتحذير، كما تحتاج إلى تكاتف للقضاء عليها وعلى أسبابها كما يؤكد المختصون في هذا المجال إن تعزيز الشفافية والمصارحة مع الجماهير هي السبيل الأفضل للحد من انتشار الشائعات واستقرار المجتمعات.
وقد حذر ديننا الحنيف من الشائعات اأتخذ اتجاهها موقفا حازما لما لنشرها من آثار سلبية على المجتمع المسلم وقيمه العظيمة خصوصاً وإن أساس الشائعات يقوم على سوء الظن الذي نهانا الإسلام عنه قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث).
وللشائعات أضرار سلبية عديدة فهي تثير القلاقل والفتن وتقوض المجتمعات وتشعل نار الفتن وتفكك أواصر العلاقات وتدمر الأسر وتثير الحروب، وفي عصرنا الحالي ساهمت وسائل التقنية الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي في سهولة نشر الشائعات، وبدلاً من استخدام تلك الوسائل فيما يفيد الأمة ويصلح حالها فقد عمد البعض على استخدامها لنشر بذور الفتنة بين أفراد المجتمع.
في اعتقادي بأننا نحتاج اليوم إلى حملة اجتماعية تركز على وقف تداول الشائعات بين أفراد المجتمع ووقف استقاء الأخبار من المصادر المشبوهة والتركيز على أن تكون مصادر معلوماتنا من مصادر رسمية موثوقة، إذ أن ما يساهم في نشر تلك الشائعات وانتشارها بين أفراد المجتمع هو نحن وذلك من خلال قيامنا بإرسال كل ما يصلنا من أخبار أو معلومات بغض النظر من تحققنا من مصدره، فنحن إذا جزء من الداء والدواء، وفي المقابل فعلى القنوات الرسمية التصدي لتلك الشائعات والعمل على القضاء على مصادرها والمبادرة بنشر الحقائق وتعزيز الشفافية والصراحة وتعظيم المصداقية في وسائل الإعلام الرسمية.
إننا نعيش اليوم وسط عدد من الدول التي تعيش ظروفاً سياسية مضطربة ويأمل أعداؤنا استغلال هذه الظروف بحيث تساهم شائعاتهم في النيل من وحدة هذا الوطن والتحام أبنائه.