أسهل شيء على الحرامي أو “السروق” حسب اللهجة الدارجة عند العامة الحلف، فالحلف والنطق باليمين في نظره عبارة عن كلمات جوفاء خالية من أي محتوى إيماني يرددها باللسان دون أن تتعمق في قلبه.
يعني لو حبيت يحلف إلى يوم الدين ما عنده مانع بشرط أن تكون حبيباً وتصدقه، أو ساذجاً إلى حد الهبل فتثني على أعماله وأفعاله وتعبر عن إعجابك به، وتتركه في غيه يعيث فساداً في البلاد، فيخون الأمانة وينقض العهود.
الحرامي يجد ساعة الفرج المنتظرة في الحلف، وقديماً رددوا في المثل الشعبي عبارة تغني عن كل المدلولات والمفردات، “قالوا للحرامي احلف قال جاك الفرج”، وطبعاً قال جاك الفرج في نفسه ولم يبح بها أمام الناس.
وأفسر العبارة هنا حتى لا يفهم بعض الناس أن الحرامي على نياته لهذه الدرجة، لأنه لو كان على نياته لما لهف الملايين في غفلة من عيون المساكين أو “المفهين” كما في لغة الشباب، و”المفهي” هو الشخص اللي يطير عيونه وتظنه معك على الخط بينما هو بعيد قد خطف عقله وقلبه أمر تافه.
ومؤكد أنه ليس خطباً جللاً، ولو كان قلبه وعقله معلقين في أمر عظيم لما تمكن الحرامي من مخاتلته والسرقة عيني عينك في وضح النهار إلا إذا كان “المفهي” والحرامي متفقين وتقاسموها بحسبة الشرط “أربعون لنا عشرون ولكم عشرون”.
الحرامي ليس لديه قيم عليا تردعه، فقد تعوَّد على اللهف، وعلاجه لا يكون بتحليفه على المصحف وإنما باستئصاله من جذوره، لأنه نبتة فاسدة تضر بمصالح الناس، ويكفي أنه قد زرع في بيئة العمل البذور الفاسدة وجلب لها الأساليب المعوجة من واسطات ومحسوبيات ورشاوي وسرقات، ففسد وأفسد ودرب موظفيه المقربين على أساليبه العفنة، ومات ضميره ودفن في المقبرة.
فحين يُطلب منه الحلف أو أداء القسم قبل مباشرة منصبه سيحلف ويقسم بأن يحافظ على الأمانة، وأنه لم يسرق سابقاً ولن يسرق مستقبلاً، ولو طالبته بالزيادة لزادك.
فالسارق المحترف يرى في الحلف وترديد الكلمات فرجاً، فهو لا يؤمن بها أصلاً، ومن لا يخاف من الله لن يخاف من الناس. فالحرامي الموظف عند الدولة يسرق أموالها بطرق ملتوية، ويقبض الرشاوي والإكراميات والهدايا ويضعها في بطنه التي لا تشبع.
فبعد كل هذه الأفعال لن يجد أي مشكلة في ترديد قسم أو حلف أو يمين -سمه ما شئت- أفرغ من محتواه، وأصبحت كلماته أقل من عادية يرددها لو أردت مليون مرة.
Shlash2010@hotmail.comتويتر @abdulrahman_15