أعتقد أن نجاح وزارة العمل في تحقيق أهدافها طويلة المدى لتوطين الوظائف وسعودة القطاع الخاص مرهون بمدى قدرتها على تقليل نسبة العمالة الأجنبية إلى أدنى حد ورفع نسبة السعوديين إلى أعلى حد، وماعدا ذلك فإن الوزارة ستضيع وقتها في تطبيق برامج مؤقتة لا تقدم حلولا جذرية وإنما مسكنات يزول أثرها سريعا، وجربت الوزارة طيلة الأشهر الماضية برامج مثل حافز ونطاقات وإن كانت هذه البرامج قد قدمت نتائج يراها مسئولو وزارة العمل جيدة إلا أن واقع الطموح يبوح بحقائق أخرى، صحيح أن برنامج حافز قدم معلومات ثمينة عن أعداد العاطلين وسيرهم الذاتية إلا أن البرنامج توقف وبما يعني أنه لم يحقق الفوائد المنتظرة من وجهة نظر المشرفين عليه وخاصة أنه لم يدفع العاطلين للبحث الجاد عن العمل، كما أدى برنامج نطاقات إلى الكشف عن بعض حالات التستر وعن وجود وظائف مناسبة للسعوديين لكن يحيط بتطبيقه مشاكل كثيرة مثل التحايل من بعض الشركات النافذة، وستظل مشكلة البطالة معلقة وربما تتفاقم في المستقبل إذا لم تغير وزارة العمل اتجاه بوصلتها الحالي .
وزارة العمل لن تتمكن بجهودها المنفردة من بلوغ حلم القيادة، وقد أعترف معالي وزيرها بهذه الحقيقة تحت قبة الجزيرة في لقاءه مع الكتاب لأن هناك جهات أخرى تتقاطع مع مشاريع البطالة غير وزارة العمل، فالتعليم العالي مثلا يدفع بمخرجات سنوية معظم تخصصاتهم غير مطلوبة في سوق العمل ما يؤكد أن وزارة التعليم العالي مطالبة بإعادة هيكلة تخصصاتها وفتح مسارات جديدة لإعادة تأهيل بعض الخريجين لتحقيق المواءمة مع السوق، وطرح برامج تدريب جديدة تصمم لتلبية متطلبات وظائف معينة ويتم تمويل تلك البرامج من صندوق الموارد البشرية وشركات القطاع الخاص ,ونفس الوضع ينطبق على المؤسسة العامة للتدريب التقني لتحسين مخرجاتها، وهناك جهات تتداخل بشكل أو بآخر مع موضوع البطالة الشائك مثل التأمينات الاجتماعية، ووجود تلك المؤسسات خارج منظومة العمل سيؤدي إلى تفاقم المشكلة وبروزها بشكل أسوأ.
لذلك تتركز الرؤية على إنشاء مجلس يضم كل الجهات ذات العلاقة بمشكلة البطالة تكون مهامه التخطيط للحد من البطالة وصولا للقضاء عليها، وتوزيع المهام على كل الجهات ويكون دور وزارة العمل تنسيقي لضمان نجاح اكبر، ولن تتضح الرؤية بصورة جلية إلا بتكوين فريق لدراسة واقع سوق العمل وإمكاناته ونوعية الوظائف المتوافرة فيه وعددها ومدى مناسبتها لتوظيف المواطنين ونسب إشغال السعوديين ومعدلات الرواتب المدفوعة وساعات العمل وارتباط تلك المؤسسات بنظام التأمينات الاجتماعية وكمية المزايا التي تحققها كل وظيفة، ومشاركة وزارة الخدمة المدنية مطلوبة في كل مراحل “المشروع الوطني للقضاء على البطالة” ودورها يتحدد في حصر الشواغر بصورة مستمرة في القطاع الحكومي وتحديد الوظائف المشغولة بغير السعوديين إضافة إلى تمثيل وزارة المالية لتقوم بدورها في الإحداث المستمر للوظائف في ضوء احتياج الجهاز الحكومي، وفي ضوء نتائج دراسة الواقع يبدأ المجلس في تطبيق سياسة الإحلال التدريجي المدروس وفق معطيات نتائج تحسين مخرجات التعليم ومخرجات برامج التأهيل والتدريب، ولابد أن يرافق هذا العمل تقليص لعملية منح التأشيرات وربطها بضوابط أكثر صعوبة لتقليل عمليات الاستقدام إلا في الوظائف الخدمية، والمجلس المقترح لابد أن يمنح الوقت وميزة الاستمرارية ليقدم عملا ملموسا لا أن يعمل لفترة وجيزة ثم يلغى.
Shlash2010@hotmail.comتويتر @abdulrahman_15