إن الفرق بين الأمس واليوم فيما يتعلق بموضوع ترشيد ورفع كفاءة الطاقة كالفرق بين السماء والأرض. لقد تغيرت حالة التشاؤم التي كانت لدى الكثيرين من المهتمين بقطاع الطاقة السعودية عندما بدأت منذ عدة سنوات وبدأ الكثيرون بالكتابة عن أهمية الترشيد ورفع كفاءة توليد ونقل واستهلاك الطاقة في المملكة العربية السعودية كردة فعل طبيعية للزيادة المضطردة للاستهلاك في السنوات الماضية والتي تقدر ب 8% سنوياً والذي بدوره –إن لم يتم فعل شيء- سوف يجعل المملكة العربية السعودية في مصاف الدول العالمية في هدر وتبذير الطاقة بشتى أنواعها خاصة الطاقة الكهربائية.
لقد تشرفت بدعوة كريمة من سعادة الدكتور صالح العواجي وكيل وزارة المياه والكهرباء ورئيس اللجنة الإشرافية للملتقى لحضور فعاليات المنتدى والمعرض السعودي الثاني لكفاءة الكهرباء، الذي نظمته وزارة المياه والكهرباء بمشاركة المركز السعودي لكفاءة الطاقة والذي أقيم في مدينة الرياض هذا الأسبوع. لقد سعدت بالاستماع لعدة كلمات افتتاحية لعدة وزراء وحضور عدة محاضرات من قبل بعض المسؤولين والخبراء المهتمين برفع كفاءة الطاقة الكهربائية والتي استعرضت الجهود الوطنية العديدة في بناء القدرات والبرامج الفنية لاستخدام الكهرباء بكفاءة في المملكة العربية السعودية. كما سعدت بالاستماع لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان نائب وزير البترول والثروة المعدنية يتحدث عن البرنامج الوطني لرفع كفاءة الطاقة الذي يشمل جميع أنواع الطاقة المستخدمة في المملكة.
الحقيقة أن ما تضمنته هذه الكلمات والمحاضرات من معلومات قيمة عن جهود وخطط الوزارات والمؤسسات الحكومية والشركات الكبرى ليس فقط لرفع كفاءة توليد ونقل واستهلاك الطاقة الكهربائية ولكن أيضاً خططها لاستخدامات الطاقة البديلة كالشمس والرياح والطاقة الحرارية لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه المالحة مما -إن شاء الله- سوف يحد بلا شك من الازدياد المطرد على توليد الطاقة عن طريق المصادر الهيدروكربونية.
أود أن أركز في هذه العجالة ليس فقط على أهمية تنفيذ هذه الخطط وعدم القضاء عليها بالروتين والبيروقراطية وأعذار عدم توفر الموارد المالية، بل أيضا أهمية الإسراع في تنفيذها لوقف الهدر القائم حالياً في مصادر الطاقة بشتى أنواعها. إن معدل الهدر الحالي يقدر بمئات المليارات من الريالات، مما يجعل هذه الخطط والجهود استراتيجية وضرورية جداً لمستقبل اقتصاد المملكة العربية السعودية وثرواتها الهيدروكربونية، ومما يحتم عدم التهاون والتكاسل في تنفيذها بأسرع وقت ممكن ومهما كان الثمن.
لقد توصل المشاركون في هذا الملتقى إلى عدة توصيات يا حبذا يتم دراستها بدقة وتطبيقها من قبل الوزارات والهيئات والمؤسسات والشركات الكبرى ذات العلاقة ومنها ما تطرقتُ له في عدة مقالات سابقة خاصة ضرورة التكامل وتظافر الجهود بين جميع الجهات ذات العلاقة بترشيد الطاقة ورفع كفاءة انتاجها واستخدامها، وضرورة استحداث جائزة وطنية لترشيد الطاقة، وتشجيع برامج البحث والابتكار في الجامعات السعودية لرفع كفاءة الطاقة وتطوير تقنياتها المستمدة من البيئة المحلية ومصادر الطاقة المتجددة، وتشجيع التوسع في إنشاء المباني الخضراء والمدن الذكية، وتشجيع توطين تقنيات رفع كفاءة الطاقة في الصناعات المحلية، وأخيرا نشر ثقافة الترشيد في المجتمع السعودي.
أود أيضا إضافة توصية خاصة بإنشاء تخصصات وبرامج جامعية تهتم بتخصصات الطاقة المتعددة مثل: هندسة الطاقة، أنظمة الطاقة، اقتصاديات الطاقة التي نجدها في الجامعات الأمريكية والأوربية ولا نجدها –مع الأسف الشديد- في الجامعات السعودية.
أود أن أنتهز هذه الفرصة لشكر معالي الدكتور صالح العواجي وجمبع لجان الملتقى والداعمين والمشاركين على هذه الجهود، راجيا من الله سبحانه وتعالى أن يسدد خطاهم بتحقيق أهداف هذا المتقى على أرض الواقع عاجلا غير آجل. وياحبذا لو يكون هذا المتقى سنويا لحاجة البلاد الماسة له.
www.saudienergy.net