لم تجد الدولة بداً من التخفيف على المواطن، فدفعت 27 مليارا في عام واحد خدمة لبرنامج (حافز) كما ذكر إبراهيم المعيقل مدير عام صندوق الموارد البشرية، وبلغ عدد المستفيدون من البرنامج مليون وثلاثمائة ألف (1,300,000) مستفيد، وهذا رقم كبير على الجانبين رغم أن كل المؤشرات تفيد أنه ليس لدينا بطالة حقيقية بقدر ما هو ضعف في إدارة الموارد البشرية والمالية، والدليل أن المواطن
الذي يشمر عن ساعده يستطيع أن ينجح ويستغني عن وظيفة الدولة، هناك أجانب نجحوا في بلدنا رغم قيود وضوابط الكفيل، ورغم تجربتنا السلبية في نظام الكفالة الذي أصبح مجالا للاستثمار وساهم في عملية التستر.
المواطن الذي يبحث عن الإعانة المالية دون أن يبذل جهدا، ويبحث عن الوظيفة الحكومية باعتبارها ضمان اجتماعي، رغم أن القطاع الخاص يوفر له فرصة أفضل، ومع ذلك يفضل الوظيفة الحكومية، لأن القطاع الخاص له مواصفات يجب أن تتوفر في العامل، وما يجب علينا عمله ولأجل أبنائنا أن تتخذ قرارات إيجابية بتغيير نمط ثقافة العمل وثقافة الاستهلاك، ونمط الاعتماد على وظيفة الدولة، ونثبت للجميع أن العمل أساس النجاح.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة للتخفيف من وطأة الفقر والبطالة على المواطن إلا أن المواطن لا يستشعر أن الأمور تتغير لصالحه، والسبب أن الحلول العلاجية ليست ذات طابع استراتيجي وليست منظورة مستقبليا، فلو كانت هناك حلول حقيقية لوجدنا أن هناك خطط واضحة ومراحل للتنفيذ تشمل اعادة التأهيل والتدريب، وليس فقط قرارات تخص العمالة الوافدة، بقدر ماهي قرارات تحفز طالبي العمل على الدخول الحقيقي في سوق العمل، وإجراءات تسهم في تغيير ثقافة العمل لدى المواطن السعودي.
فرض ضريبة عمل تقدر 2400ريال على كل أجنبي يعمل لدى أي مؤسسة أو شركة، تخصم من الأرباح والمزايا المالية لغير السعوديين، وتودع في صندوق الموارد البشرية لتساهم في تحقيق حل لمشكلة البطالة، هذا ليس حل؟؟!!.. ما نحتاجه هو المكاشفة مع انفسنا أولا وإدارة الموارد المالية وفق خطط استراتيجية طموحة وعلى مراحل، ثانيا يجب أن توجه هذه المبالغ لإقراض المشاريع الصغيرة، ومساعدة العاطلين عن العمل، بإيجاد مشاريع لهم وبإمكان أي مواطن ان يستثمر في أي عمل أن وجد اقراض حقيقي وآلية صرف لهذه القروض، حيث إن قطاع التجزئة السعودي يتجاوز 220 مليار تسيطر عليه العمالة الآسيوية تحديدا، وهذا ليس ذنبها، ولم تأخذ ذلك عنوة منا وإنما بسبب تفريطنا وتكاسلنا عن العمل.
المشكلة ليست في فرض الرسوم ومنح القروض، وإنما في البيروقراطية والرقابة الهشة والتهرب من المسؤولية، وضعف الرقابة والإشراف والمتابعة والغيرة على المال العام، وتحميل الدولة المسؤولية والسعي للحصول على الإعانات فقط،، هناك نماذج وطنية انطلقت من الصفر وأصبحت علامات وظواهر مميزة يجب احترامها، وعليه فإننا نتمنى ألا تظل فلسفة البحث عن معونة دارجة بين مواطنينا، ولا ان تكون حلا من قبل الحكومة لأنها حلول وقتية، وليست استراتيجية.
من قتل حافز؟؟!!.. هو نحن المشاركون في التخطيط الاقتصادي لبلدنا، فكثير من بنود ثقافتنا مخالف للتوجهات الاقتصادية العالمية، ملبسنا ومأكلنا ومشربنا، ومسكننا، وقروضنا الاستهلاكية كلها مخالفة لمنطق الاقتصاد الحديث، والسبب هو نحن؟!!..، فإذا لم نبدأ عملية التغيير بأنفسنا أولا ونغير ثقافتنا العملية ثانياً، ونبدأ بالعمل الحقيقي والاستثماري مهما كان بسيطا ونبدع، والا فأننا سنظل نتكلم ونسأل؟..عن الإعانة، وعن حافز، وعن البطالة، وعن التضخم، وعن الأجانب، وتبقى المشكلة دائمة هي ذاتها، هذا هو السؤال الحقيقي؟!!!....
Ahmed9674@hotmail.comمستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية