تبقى وزارة العمل على الواجهة دوما، فهي المأكول المذموم، فليس ثمة أحد إلا وهو بحاجة لخدماتها ودمغتها الموقرة ومباركتها، وفي نفس الوقت يظل يخشى من عقوباتها.
حينما كانت وزارة العمل تتقاسم مع الشؤون الاجتماعية وزارة كئيبة لم نكن نعلم ما هي مهامها ولا أدوارها إلا حينما نرى صور الوزير ملتقيا بوزراء الدول ذات الاقتصاد المتدني، وكنا فقط نكتفي بالعجب من تركيبة أسماء أولئك الوزراء! وما أشبه ليلتنا بالبارحة؛ حيث لا تكاد تبزغ شمس يوم إلا وتحمل خبرا أو انتقادا أو احتجاجا وغضبا من قرارات هذه الوزارة الفتية المشاغبة بعد انشقاقها وتفردها بالمسمى الوزاري واضطلاعها بالمهام التي جلبت لها الهم والشقاء!!
في ندوة “الجزيرة” الأسبوع الماضي التي جمعتنا بوزير العمل ونائبه ووكلائه؛ رأيتهم مهمومين بشؤون وزارتهم التي لا تحظى برضا معظم المواطنين برغم أنها تعمل لصالحهم! ولكن كثيرا من الناس لا يعلمون - أو يعلمون - بيد أنها لا توافق أهواءهم ولا تتناغم مع أطماعهم.
إن المتفهم لبرنامج نطاقات يدرك أنه قد كبَّل التجار وأرغمهم على البحث عن المواطن وتشغيله، بل وتدليله براتب محدد حينما صنف المنشآت إلى نطاقات: ممتاز وأخضر وأصفر وأحمر. بحيث يكافِئ النطاقين الممتاز والأخضر الأعلى توطينا والتزاما بصرف راتب لا يقل عن ثلاثة آلاف ريال، ويتعامل بحزم مع الأحمر الأقل توطيناً، ويعطي مهلة أطول للمنشآت في النطاق الأصفر، فيصبح حينئذ توطين الوظائف ميزة جديدة تسعى لها المنشآت للتميز والتنافس.
وقد تتفاجؤون حينما تعلمون أن هذا التصنيف قد ساهم بتوظيف 380 ألف مواطن ومواطنة حتى الآن، وبرغم ذلك فإن التوطين في منشآت القطاع الخاص لم تتعدَ 13% من إجمالي عدد العاملين بالقطاع! وهي نسبة ضئيلة، مما يعني استحواذ العمالة ومزاحمتهم أبناء الوطن بما يصل إلى 87% من الأعمال المختلفة. وما سمعته من الوزير أن من أولوياته زيادة النسبة من خلال رفع تكاليف العامل الأجنبي بما يجبر المنشأة على الاستعانة بالمواطن.
وفي الوقت الذي ينبغي مساندة الوزارة في سعيها لتوطين الوظائف، والقضاء على البطالة؛ يهبّ المواطنون لتقويض تلك الجهود وإحداث البلبلة والضجيج ورفض الإصلاح، مما يشير لسطوة التجار بالتشويش على الناس والتهديد برفع تكاليف التشغيل، وترديد أسطوانة رفض الفكرة قبل التفكير بجدواها ومردودها الإيجابي على المدى الطويل بما يعود للمواطن بالخير والتخلص من العمالة الوافدة.
ما طرحتُه على الوزير وأنتظر إجابته العملية الشافية، هو: متى تنتهي - وليست تنحسر- ظاهرة بيع التأشيرات! وأعلم أن إجابة السؤال - حتما - لن تكون إلا بالتخلص نهائيا من نظام الكفيل!!
ففيها إغلاق لصنابير استنزاف موارد الوطن، وطمر لبؤر الفساد، وكشف لأقنعة التستر، وكبح لأطماع النفوس الدنيئة!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny