أكثر من عشرين شهراً انقضت ونظام الأسد يشن حرباً كارثية على الشعب السوري المناضل، الذي يواجه أحداثاً مأساوية غير مسبوقة من رجل أصيب بالعته والجنون من أجل (السلطة)، يضرب الشعب السوري الشقيق بالطائرات والدبابات والصواريخ والقنابل العنقودية وكل الأسلحة
التدميرية ليرتكب كل أنواع الجرائم المخالفة لشرع الله والقانون الدولي والأعراف والشرعية الدولية، جرائم ضد الإنسانية قتل وفتك وتشريد واعتقال وتعذيب بل وتهجير لأصحاب الأرض وتدمير كل مقومات البنية التحتية!!
بشار الشر خلف والده الجزار الذي دمر حماة على رؤوس أهلها في الثمانينيات ليقتل أكثر من (20) ألفا من أهل السنة في غيبة المجتمع الدولي والإعلام العربي والدولي، وها هو تلميذ المجرم يصبح أكثر فتكاً وإجراماً على أهل بلاد الشام صاحبة التاريخ المضيء في دفع اعتداءات المعتدين الظالمين على مر العصور والأزمان.
اليوم يواجهون هذا (المجرم) المدعوم بدون حدود إيرانياً وروسيا، يواجهونه بصدورهم العارية الشجاعة، على الرغم من ان عدد القتلى تجاوز الثلاثين ألفا والمهجرين داخل البلاد أكثر من (2.5) مليون إنسان ومئات الآلاف من المهجرين توزعوا على الحدود التركية والأردنية واللبنانية يواجهون الجوع والمرض والمعاناة، أما الجرحى والمعوقون من الأطفال والنساء والشيوخ وغيرهم فحدث ولا حرج، وأصبح المهجرون في الداخل والخارج والجرحى والمعوقون، يعيشون كارثة إنسانية صحية ومادية ومعنوية ومستقبلاً مجهولاً في ذلك البلد المسلم الذي حوله بشار الدم بقوة السلاح الإيراني والروسي إلى حطام ليصبح أثراً بعد عين، ولا يزال الجرح نازفاً، فمن يدري إلى أين يصل عدد الضحايا على يد هذا المجرم الذي تسلح بالقوة الإيرانية والروسية في ميدان المعركة.
وفي مجلس الأمن وقفت روسيا والصين بالمرصاد ضد أي قرار يدين طاغية سورية، هذا البلد الشقيق الغني بثرواته الزراعية الذي بإمكانه ان يكون سلة غذاء عربية لو أحسنت إدارته، وآثاره الإسلامية وموقعه المهم وأهله النشطاء بالعمل الجاد وثرواته الطبيعية ومنها النفط الذي يبلغ احتياطية المؤكد منه أكثر من (4) بلايين برميل، كلها أهدرها الفاسد، الأسد لتصب في خزانته وأقربائه وبطانته الفاسدة وعندما طالبه الشعب السوري بإقامة العدل والمساواة، وجه آلته العسكرية المدمرة لتقتله وتدمر الشجر والحجر في طول البلاد وعرضها.
بعد أكثر من عشرين شهراً لا نسمع سوى صرخات أهل الشام يواجهون عدواناً وحشياً وبأسلحة روسية وإيرانية يديرهما خبراء روس وإيرانيون ويشاركهم عناصر من إيران ومن حزب إيران (حزب الله) ليعيش الشعب السوري في خضم كارثة إنسانية مملوءة بالآلام ويلونها بلون الحزين الكئيب، يهتز لها كل ضمير حي إلا ضمير مجرم هذا الزمان المسمى (الأسد) الطاغية في زمن أصبحت الشرعية الدولية هزيلة وساد قانون الغاب الذي تسلط فيه الأقوياء على الضعفاء لقهرهم بالقوة.
المجتمع الدولي شهد نكبات وكوارث ومذابح في أفغانستان ومدنه وقراه وجباله من أجل الاستراتيجية وإطلالة على نفط بحر قزوين باحتياطيه البالغ ما بين 40 -50 مليار برميل، وفي العراق في وسطه وشماله وجنوبه من أجل عيون النفط باحتياطيه (143) مليار برميل في عهد سيد البيت الأبيض آنذاك جورج دبليو بوش وصديقه بلير في (10 داوننج ستريت) آنذاك ولم يحرك المجتمع الدولي ساكناً، على الرغم من ان احتلال العراق كان مبادرة أمريكية - بريطانية صرفة وضعت الأمم المتحدة ومجلسها على الرف حتى ان بوش الابن وصف المنظمة بأنها قد ماتت.
ومن أجل رائحة النفط هب الاتحاد الأوروبي بقيادة فرنسا الطامحة بالنفوذ الدولي لمؤازرة المعارضة في ليبيا ضد الدكتاتور القذافي الذي حرم شعبه خيرات النفط الذي كان يصدر منه (1.7) مليون برميل يومياً واحتياطيه (47) مليار برميل، واصطفت أوروبا ومعها الولايات المتحدة مع الثوار حتى حررت ليبيا من جهالة وطغاة القذافي.
المضحك المبكي أن العالم اليوم وفي مقدمته الدول الكبرى التي دائماً ما تتشدق بحماية حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية والعدل والسلام، يقف صامتاً بأذن طين والأخرى عجين من كارثة سورية، على الرغم من أن الشعب السوري يواجه أفدح وأقسى المآسي والكوارث على أرض العرب وأرض المسلمين اليوم في ظل حرب أهلية مفتوحة حتى في أيام عيد الأضحى المبارك، وعلى الرغم من موافقة مجرم سورية على وقف إطلاق النار إلا أنه نكث بوعده، بل وكثف من عدوانه على الشعب السوري مما جعل الإبراهيمي يعلن فشل خطته، والسبب معروف، البيت الأبيض وأوروبا ينددون ويشجبون ويستنكرون ويوافقون على بعثة عنان والإبراهيمي لكنهم لا يفعلون شيئاً على الأرض كما فعلوا في ليبيا والعراق مثلاً.
لم تقدم أمريكا وأوروبا على دعم الجيش الحر مرجعة السبب الى (الفيتو) الروسي والصيني (اللعين) في مجلس الأمن، وهما مثلا أمريكا وبريطانيا احتلتا العراق على الرغم من أنف روسيا ومعها الصين، لكن في سورية الأمر يختلف تماماً انه أمن واستقرار إسرائيل فالنظام السوري عندهم صمام أمان لأمن الدولة العبرية فعلى مدى أكثر من (40) عاماً لم يطلق طلقة واحدة هدفها تحرير الجولان، وعلى الجانب الآخر انهم ينتظرون أن تأكل الحرب الأخضر واليابس وتتفكك سورية إلى دويلات لا تهدد أمن إسرائيل في الحاضر وفي المستقبل بعد أن ضمنوا تحييد العراق إلى الأبد.
المهم أن أهل الإجرام يأبون السكون حتى وهم يلفظون أنفاس أيامهم الأخيرة كما في حالة جزار سورية الذي آلى على نفسه أن لا يغادر بلاد الشام إلا على دماء أهلها الطاهرة، مرتكبا جرائم غير مسبوقة في التاريخ مستخدماً كل أنواع الأسلحة التدميرية وفي مقدمتها طائرات الميج المتطورة لتحقيق رغباته ونزواته ومغامراته واستهتاره بكل حقوق الإنسان وكرامته صم آذانه وأغمض عينيه لكي لا يسمع صيحات وصرخات الأطفال والنساء والشيوخ وأنّات الثكالى والجرحى والمعوقين والمعذبين القابعين بالسجون، ولم يستفد من عبر التاريخ في الماضي والحاضر القريب من أمثاله من الطغاة والدكتاتوريين الذين غادروا السلطة قهراً (بن علي، القذافي، مبارك، صالح) في عام واحد، والنظام السوري مصيره مغادرة السلطة إلى الأبد، سينتهي حاملاً غضب الله عليه وسخط الشعب السوري والعربي والإسلامي، وسيكون مصير بشار وزمرته أسوأ مصيرا ممن سبقه.
والسؤال المطروح هل هناك أفظع من تلك الجرائم التي ارتكبها هذا (المجرم) الذي امتدت يده الملطخة بالدماء إلى جارته لبنان لتنفذ جرائم اغتيالات متعددة بدأت عام 2005 باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وآخرها ولن يكون الأخير المسؤول الأول عن فرع المعلومات اللواء وسام الحسن ومرافقه أحمد صهيوني، إنها جرائم إبادة، جرائم حرب، جرائم ضد الإنسانية، جرائم قتل وتشريد وتهجير إلى خارج حدود البلاد وداخلها، كبت الحريات جرائم مهاجمة المدنيين عمداً، جرائم تطبيق جيش النظام السوري الخبيث سياسة الأرض المحروقة، جرائم مهاجمة المساجد وآخرها ولن يكون الأخير الجامع الأموي الشهير في مدينة حلب، والمدارس والجامعات والمستشفيات والمؤسسات الخيرية وتدمير البنى الأساسية تدميراً كاملاً يعيد البلاد إلى الوراء عقودا عديدة.
وإذا استعرضنا بعض نصوص مواد قانون المحكمة الجنائية الدولية ومنها المادة الخامسة التي حددت الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة وكذلك المواد: السادسة والسابعة والثامنة التي شرحت تفصيلاً المفهوم القانوني لجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وكذلك جرائم الحرب وغيرها من الجرائم، نجد ان جميع الجرائم التي ورد النص عليها، بل أكثر منها قد ارتكبها النظام السوري برموزه وجنوده ضد العزّل بلا وازع من دين وخلق ولا رادع من ضمير.
إن لدى المعارضة السورية وهيئات المجتمع المدني مستندات ووثائق تؤكد الإدانة القطعية لهؤلاء المجرمين القابعين في دمشق تحت حماية إيرانية وروسية وحزب إيران في لبنان الذين داسوا على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لذا أصبح ضرورة وليس ترفاً أن يهب العرب ومنظماتهم المدنية وغير المدنية هبة رجل واحد وهم يملكون بين أيديهم وثائق ومستندات قانونية دامغة لإثبات الجرائم السابقة التي لا تسقط بالتقادم، ضد هؤلاء المجرمين المحترفين وطرق كل الأبواب، ومنها المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك هيئات حقوق الإنسان في العالم التي من بينها مجلس حقوق الإنسان في جنيف الذي أدان بالفعل تلك الجرائم البشعة.
كما أن الباب مفتوح أمام العرب لمطالبة الأمم المتحدة بتكوين محاكم خاصة لمحاكمة مرتكبي الجرائم الكبرى على غرار المحكمة الدولية ليوغوسلافيا السابقة ورواندا وسيراليون، وكل تلك المحاكم أنشئت لمحاكمة مجرمين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية ونص قانون تلك المحاكم على مقاضاة الأشخاص الذين يتحملون العبء الأكبر من المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وقانونهم الداخلي. والله ولي التوفيق
dreidaljhani@hotmail.comرئيس مركز الخليج العربي للطاقة والدراسات الاستراتيجية