في ضوء الواقع المعاصر للإنسانية، بأعراقها، وإثنياتها، ومذاهبها، ودياناتها، وحضاراتها، وثقافاتها، يموجُ في فؤاد الملك عبد الله بن عبد العزيز قلقٌ يجعله مهموما بما يُمكن أن ينتج من كوارث عن نزاع الهويات، وصراع الحضارات، وصدام الديانات ومذاهبها، التي تنداح اليوم موّارة زلزالية في شتى أنحاء المعمورة، فتولـّدُ الحروب، وتـُريق الدماء، وتنحر الأرواح، فانتهى إلى أن الخلاص، من الطبيعي أن يكون - على حدّ قوله - في “الأديان السماوية الكبرى، وما اُنزل على سيدنا إبراهيم من حنيفية سمحاء، تجتمع على مبادئ كبرى، وتشترك في قيم عظيمة، تـُشكّل في مجموعها مفهوم الإنسانية”.
إن رسالة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى شعوب العالم، وقادته، هي رسالة إخوّة، وتآلف، وأمل وضيء لما يُمكن حدوثه من معجزات.
كأن عبد الله بن عبد العزيز نهرٌ تتجمع فيه كل مياه الأنهار الصافية، تـُنقـّب عن كوّة لكي تشقّ طريقها إلى الروح، من غير أن تخضع لمنطق الجغرافيا، حاثـّا المجتمع الدولي على الارتفاع بنفسه، كما قال: “ إلى مستوى المسؤولية، وأن يكون التعاون هو حجر الأساس في أي مجهود، وأن نكون جميعا، في نظرتنا إلى الحاضر والمستقبل، أصحاب رؤية إنسانية عميقة شاملة، تتحرّر من الأنانية الضيقة، وتسمو إلى آفاق الإخاء والتكافل”.
هذه هي المرحلة الأولى - يقول الملك عبد الله - لإنقاذ إنسانية الإنسان، رائيا، بحكم السنن الإلهية، “أنه لا يُمكن أن يخسر الفعل الخيّر أمام فعل الشر.. وإن بانت مظاهر هذا الشر لبعض الوقت “.
الملك عبد الله موقنٌ بأنه مع تأسيس وتفعيل مبدأ الحوار بين البشر، “سوف نلمس حينها - كما يقول - أن ما يجمعنا من قيم ومبادئ أكثر مما يـُفرّقنا”، لأن أي اختلاف أو تنوّع “بين الثقافات والمجتمعات، أمرٌ طبيعي، ومن سنن الكون”.
هل ستنتهي الحروب والنزاعات، كما يرى الملك عبد الله، بعقد حوار عالمي اجتماعي، ثقافي، حقوقي، سياسي، أخلاقي، جديد على العالم هذه المرة، لكي تتمكن البشرية، مجتمعة، من مواجهة المخاطر المُحدقة بها؟.
ذلك ما تفرضه، في رأي الملك عبد الله، حاجة البقاء وحاجة التقدم، وما يُؤمـّله ما تبقى في العالم من عقل وحكمة وحبّ للحياة، رغم مكر التاريخ.
Zuhdi.alfateh@gmail.com