أودّ أن أطرح في مقال هذا الأسبوع موضوع تكنولوجيا ترشيد الطاقة، العامل الذي يمثل من أهم عوامل ترشيد الطاقة، سواء في مرحلة توليد الطاقة أو مرحلة نقل الطاقة أو مرحلة استهلاك واستخدامات الطاقة المتعددة، تركيزاً على الطاقة الكهربائية التي تمثل نسبة عالية من الاستهلاك المحلي ويتم توليدها عن طريق حرق الغاز الطبيعي والبترول، ويزيد الطلب المحلي والعالمي السنوي عليها بمعدلات تزيد عن الـ10% كما هو في المملكة. الحقيقة أن هناك عدة أسئلة تطرح نفسها بقوة ومنها: أين هذه التقنيات في أسواقنا المحلية وأين الحوافز الحكومية لتوريدها وأين ضوابط استخداماتها في مشاريع البنية التحتية المتعددة الحكومية والخاصة؟ وأين برنامج ترشيد استهلاك الطاقة والتطبيق الإلزامي للمواصفة القياسية الوطنية المتعلقة بكفاءة الطاقة؟ وأين الأنظمة التي تنضمها وتشترطها ضمن تصاريح البناء في الأمانات والبلديات؟. كل سؤال من هذه الأسئلة يحتاج إلى تفصيل بعمق، قد لا أستطيع إعطاءه حقه من خلال هذا المقال القصير.
فلنبدأ بعملية توليد الطاقة لدى شركة الكهرباء ونبحث عن التقنية المستخدمة حالياً لحرق الغاز الطبيعي والبترول السائل لتوليد الطاقة الكهربائية، ونسأل شركة الكهرباء عن مدى استخدامها للتكنولوجيا الحديثة ذات الكفاءة العالية الخاصة بتوربينات ومولدات الكهرباء، كما نسأل شركة الكهرباء عن التكنولوجيا المستخدمة حالياً لنقل الطاقة الكهربائية من خلال شبكتها التي -مع الأسف- لا تغطي جميع مناطق المملكة بحيث لو توفر جزء من الطاقة الكهربائية في أحد المناطق يمكن أن يستفاد منها في مناطق أخرى من خلال شبكة الربط الكهربائي. كما نتساءل هنا عن دور الوزارة لوضع شروط ومقاييس ذات كفاءة عالية ترغم شركات الكهرباء على استخدام التكنولوجيا الحديثة المتقدمة التي تساهم في عملية الترشيد سواء خلال مرحلة توليد الطاقة الكهربائية أو مرحلة نقل الطاقة الكهربائية، كما أننا نتساءل أيضاً عن مدى توفر دراسات علمية وإحصائية عن نسبة كفاءة توليد ونقل الطاقة الكهربائية في المملكة ودور الوزارة في ذلك؟
أما عندما نتحدث عن مرحلة استخدامات الطاقة ومدى نضج المجتمع السعودي سواء أفرداً أو حتى القطاعات المختلفة بما فيها قطاع الصناعة والبناء والتعليم والصحة ...الخ من خلال استخدام تقنيات ترشيد الطاقة فحدث ولا حرج. فعلى الرغم من المشاريع الجبارة التي تقوم بها هذه القطاعات في جميع مناطق المملكة، فإننا نجد أن تقنية ترشيد الطاقة غير موجودة على الخارطة في كثير من هذه المشاريع. بل إننا قد نجد بعض الهيئات القليلة جداً المعنية بمبدأ ترشيد الطاقة لا تستخدم تكنولوجيا ترشيد الطاقة في مبانيها ومشاريعها سواءً في تصميم المشاريع أو المواد المستخدمة في هذه المشاريع خصوصاً تكييف الهواء أو المواد الكهربائية المستخدمة. فلا نجد اهتماماً كبيراً وشروطاً ملزمة بموضوع استخدام تقنيات التكييف ذات الكفاءة العالية والمصابيح الكهربائية ذات الاستهلاك المنخفض والمصابيح الكهربائية التي تعمل على الحركة (Motion Detection Lights).
أتساءل هنا عن الغياب غير المبرر للجامعات السعودية وعدم القيام بالأبحاث والدراسات المتعلقة بالترشيد وبعدها الكبير عن ما يحدث من سوء استخدام للطاقة وانخفاض كفاءة توليد ونقل واستخدام الطاقة في المجتمع السعودي؟! من المهم أن نذكر هنا أيضاً بعض الدراسات التي أجرتها وكالة الطاقة الذكية، والتي أفادت أن دول الخليج العربي بما فيها المملكة تأتي في المركز الثاني عالمياً من حيث نصيب الفرد من استهلاك الطاقة، وأنه حسب التوقعات فإن استهلاك الكهرباء في دول الخليج سوف يتضاعف، وأن نصيب الفرد من استهلاك الكهرباء (الثاني عالمياً) سوف يزيد بمعدلات عالية جداً في السنوات القادمة. فهل ترشيد الطاقة خيار؟ وهل الاهتمام بتقنيات ترشيد الطاقة خيار؟ أترك الإجابة للقارئ أو المسؤل!!!
www.saudienergy.net