|
جدة - عبد الله الزهراني:
رفعت الوفود الإعلاميَّة والثقافيَّة المشاركة في تغطية موسم حجِّ هذا العام 1433هـ برقية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- عبَّروا فيها عن شكرهم وتقديرهم للحفاوة وحسن الاستقبال وكرم الضيافة التي قُوبلوا بها أثناء تغطيتهم ونقلهم لنشاطات مشاعر حجِّ هذا العام، مشيرين إلى أن ما شهدوه من خدمات وتسهيلات نوعية متميزة في مختلف المستويات التي قدمتها المملكة أسهمت بفضل الله تعالى في أداء الحجاج لمناسكهم براحة واطمئنان.
وأعربوا خلال حفل اعتادت سنويًّا وزارة الثقافة والإعلام على إقامته لتكريم الوفود الإعلاميَّة المشاركة في تغطية الحجِّ عن إعجابهم الشديد بالمشروعات الضخمة في الحرمين الشريفين وبناء الطرق والجسور والإنفاق في المشاعر المقدسة وتهيئة وتوفير الخدمات خاصة قطار المشاعر وبناء مجازر عصرية لتسيير نسك الهدى والأضحية وحسن استقبال الحجاج منذ وصولهم إلى مختلف منافذ المملكة البريَّة والجويَّة والبحريَّة وتقديم الخدمات الصحيَّة المتكاملة.
هذا وقد أشادوا بالجهود المتفانية التي تقدمها المملكة العربيَّة السعوديَّة حكومة وشعبًا كل عام من أجل إنجاح موسم الحجِّ وذلك من خلال كلمات ألقاها كلا من:
كلمة من القارة الآسيوية ألقاها الصحفي جوزيه جويل ماكيزا وكلمة الوفود العربيَّة ألقاها أحمد عبدالرحمن عطية من وزارة الثقافة في جمهورية مصر العربيَّة، ثمَّ كلمة القارة الإفريقية ألقاها الإعلامي السيد كومارا، ثمَّ كلمة وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربيَّة ألقاها المذيع في تلفزيون سلطنة عمان عامر بن أحمد العمري.
وعبَّروا عن إعجابهم بما شاهدوه أثناء تأديتهم مناسك الحجِّ من تطوّر ومنجزات في المشاعر المقدسة كتوسعة الحرمين الشريفين والمسعى وقطار المشاعر التي كان لها الأثر الكبير في تيسير أداء الحجاج مناسكهم بيسر وأمن وأمان وراحة، مرجعين الفضل في ذلك إلى الخالق عزَّ وجلَّ، ثمَّ لما وفرته حكومة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- الذي لم يدخر وسعًا في سبيل توفير الإمكانات لخدمة بيوت الله، سائلين العلي القدير أن يجزيه خير الجزاء نظير ما يقوم به من جهد لخدمة الإسلام والمسلمين في مختلف أنحاء العالم.
وكانت وزارة الثقافة والإعلام أقامت مساء أمس الأول بمحافظة جدة حفلها السنوي لتكريم الوفود الإعلاميَّة والثقافيَّة المشاركة في تغطية ونقل شعائر حجِّ هذا العام، وذلك بحضور معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجة ومعالي نائب وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد الله بن صالح الجاسر.
ونقل معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجة في مستهل كلمته في الحفل تهنئة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظهما الله- لضيوف الوزارة بعد أن منَّ الله عليهم وعلى كافة حجاج بيت الله الحرام بأداء فريضة الحجِّ بيسر وسهولة وأمان وأجواء روحانية عظيمة.
وقال معاليه: اسمحوا لي أن أشكر جميع من تحدث قبلي من قارة آسيا والدول العربيَّة وقارة إفريقيا والشاعر الموريتاني على كلماتهم.
وأضاف معاليه: رغم كثافة الحجاج لهذا العام إلا أنه ولله الحمد لم يسجل وقوع حوادث أو صعوبات تعكر على الحاج صفو أداء الفريضة وهذا بفضل من الله سبحانه وتعالى، ثمَّ بفضل ما تقوم به الدَّوْلة من مشروعات عملاقة بتوجيه ومتابعة دقيقة من خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- تسهل على الحاج تحرُّكاته وتنقلاته مثل توسعة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وجسر الجمرات والتعجيل في إنهاء مشروع القطار وغيرها من المشروعات التي تسعى الدَّوْلة إلى إنجازها، وكذلك ما تبذله الجهات المشاركة في أعمال الحجِّ من وزارات وقطاعات عسكريَّة ومدنية تجنّد فيها كامل طاقاتها البشرية والآلية لخدمة الحاج.
ووصف الدكتور عبد العزيز خوجة الحجَّ بأنه ولادة جديدة ومتجددة لهذه الأمة ولأفرادها، يستمد منه المسلمون معاني لا يحدها حدٌّ، وهي دائمة التجدد، فوارة بالدلالات، تبعث على التأمَّل، وقال: وفيها: إن استشعرنا الحجَّ ومقاصده، عالم ثري ومتدفق من العواطف الروحانية والإنسانيَّة التي لا تزيدها الأيام إلا ثراءً ونماءً، فلكل حاج قصة تستحق أن تروى، ولكل حاج طريقته في تأمَّل هذه الشعيرة العظيمة، وبحسبنا أن نرجع إلى مكتبة الحجِّ التي خلفها لنا الرحالة عبر القرون، نقلب صفحاتها، ونرى ذلك العالم الرحب الذي ما تكوّن وما تشكّل إلا بهذه الرحلة العظيمة؛ رحلة الحجِّ، ولعل كل واحد منَّا تذكر تلك الظروف الصعبة التي عاشها أولئك الرحالة حتَّى يصلوا إلى هذه الأمكنة الشريفة.. وبرحلة الحجِّ تألف تراث إسلامي خالد، وعلوم إسلاميَّة ما كانت لتنمو لولا الحجّ إلى البيت العتيق.
وأبرز معاليه أثر وسائل الاتِّصال والإعلام الجديد على الرسالة الإعلاميَّة وقال: «واليوم ونحن نعيش أحدث موجة من موجات الإعلام وما اكتنفه من ثورة ضخمة في وسائل الاتِّصالات وتقنياته.. اليوم نقرأ في هذه الرحلة الإيمانية معاني جديدة لم يعرفها السابقون، قبل هذه التطوُّرات المذهلة في وسائل الإعلام، ويكاد ذووكم وأصدقاؤكم أينما كانوا، يعيشون معكم الحجَّ لحظة لحظة، وأنتم تؤدون مناسككم، صورة وصوتًا وكلمة، ولعل أدبًا جديدًا للحجِّ تشكّل بسبب هذه الوسائط الجديدة، ربَّما أخذ طابع الآنية واللحظية، ولكنَّه امتاز بها، ولعل من قرأ ما تبثه الوسائط الاجتماعيَّة الجديدة كالفيس بوك وتويتر، يدرك رسالة مختلفة لأدب الحجِّ، فيها مزيد من الأشواق الروحانية إلى هذه الفريضة، وإلى البقاع المقدسة، نقرؤها على تلك الصفحات الضوئية، ونكاد نمسك فيها بالعبرات وهي تسكب على أثير تلك الوسائل».
وأضاف: ومهما اختلفت الوسيلة الإعلامية، ومهما تباينت الأزمنة، فإنَّ شيئًا واحدًا يبقى طوال الدهور، وهو أن هذا الركن الخامس من أركان الإسلام يعيد تربية الحجيج وتهيئتهم لأدوار جديدة في الحياة، فالحجُّ يأخذ بيد المسلم إلى التضامن والتكافل والتسامح، وهو يؤسس لأخلاق المسلم الحق، إذ لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، ويعمر البيئة بالسَّلام، ويساوي بين الناس، مهما اختلفت أشكالهم وألسنتهم وألوانهم.. وما أسعد الحاج الذي أكرمه الله فرجع من حجه كيوم ولدته أمه إنسانًا جديدًا، يتمثِّل هذه الفريضة في قابل أيامه، فهو قد حجّ إلى البيت الحرام، وهو تعلم، هناك، دروسًا جليلة، ما كانت لتتاح له لولا وقوفه في تلك الأمكنة المباركة، وهو استشعر أنه عضو في أمه، وأن عليه أن يعمر الأرض بالخير، وأن يخالق النَّاس بخلق حسن، وأن يتخذ من حياته وسيلة للإصلاح، وألا يفوه لسانه إلا بالكلمة الطيبة، وألا يخط قلمه إلا ما ينفع النَّاس ويمكث في الأرض.
وختم معاليه كلمته محملاً الإعلاميين مسؤولية الكلمة وشرَّفها وخطرها قائلاً: أحسب أن كل إعلامي، وكل صاحب كلمة عاش طرفًا من ذلك في الأيام المعدودات التي هي رحلته للحجِّ، وأن عليه واجبًا مضافًا يختلف عن سواه من النَّاس فنحن الإعلاميين والمثقفين مسؤولون أمام الله -تبارك وتعالى- وأما النَّاس عمَّا نقوله، فالكلمة في ديننا السمح أمانة ومسؤولية قال تعالى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء. تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ}، فما أحرى أن نتمثِّل هذه المعاني القرآنية العظيمة، ونحن نخاطب النَّاس في كلِّ مكان، وجدير بِكلِّ صاحب كلمة أن يستشعر شرف الكلمة وخطرها، وأن يوطن نفسه على القيم العليا التي يدعو إليها ديننا السمح امتثالاً لقول الله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ}.