لدينا مشكلة حقيقية في الإدارة الوسطى، ويظهر ذلك واضحاً في الأزمات التي تمر بها بلادنا، أقربها مشكلة قطار المشاعر، وقبل ذلك مشروع قطار الحرمين، وسيول جدة، ومشاريع تعليمية متعثرة وأخرى واقفة وإسكانية لم تولد بعد، كل ذلك يكشف أن هناك أزمة في القيادات الوسطى واختيارها.
مشروعات فشلت لأن إدارتها لم تكن بكفاءة المسؤولية المسندة إليها، تسللت إلى هذا الموقع عبر بوابات: العلاقات الشخصية والصداقات والأقرباء والمعارف والمصالح التي تعود بالمنفعة. حتى أننا نسمع بالإقالات والإبعاد عن مشروعات كبيرة وحيوية بسبب ملاحظات مالية، وإدارية ونزاهة.
المتضرر من فساد بعض الإدارات هو الوطن والمواطن، فتأخر القطارات طوال هذه السنين داخل المدن وبين المناطق من المسؤول عنه؟ المدن تم تخطيطها في ظل غياب تام للقطارات، ومترو الأنفاق والقطارات المعلقة وغيرها، وعندما تقرر إدخال خدمة القطارات ظهرت عقبة كبيرة هي شبكات الصرف الصحي، وشبكات المياه والكهرباء والهاتف والسيول، وهذه خسارة كبرى تتحملها الدولة دائماً تتمثل في تثمين طرفي الطريق وأكتافه بمبالغ كبيرة جداً تجهد الميزانيات لسنوات، رغم أنها تمر بمناطق صحراوية ومعزولة. كذلك تأخر مشروع الصرف الصحي كلف الدولة المليارات وتسبب بأضرار صحية وأثر على البيئة، وأيضاً مشروعات تصريف مياه السيل هي الآخركلفت المليارات ونموذجها مدينة جدة وما زالت تستنزف الدولة الأموال.
هذه أخطاء وزراء في النقل وسكك الحديد والبلديات، وهذا ينطبق على الإسكان الذي أهمل لسنوات حتى أنه ألغيت وزارة الإسكان ودمجت في البلديات وتم توزيع موظفيها على القطاعات لنجدها اليوم أهم الوزارات.
جملة من أخطاء القطاعات أجهدت ميزانية الدولة وأعاقت التنمية في بلادنا، فالاعتناء بالإدارة الوسطى لا يقل أهمية عن اختيار مناصب الوزراء ورتب المعالي لأنهم هم الممسكون بمفاصل القطاعات، وهم من يديرون الوزارات أي أنهم القوى المتوارية التي توجه أعمال الوزارة.
لابد من المكاشفة الإدارية لأن هذا الجيل يعيش في زمن تملك وسائل الإعلام الشخصية، ويملك قوة التأثير - إعلام المواطن - من خلال التقنيات الحديثة وقادر على كشف الفساد والتجاوزات ونشرها خلال ثوان لأوسع شريحة بالمجتمع بالصور والمادة الفيلمية والتداخل معها والتعليق عليها...
الحقائق التي كانت تدفن ولا ترى في الصورة أصبحت وثائق معممة يتم تداولها ولا تسجل ضد مجهول.