ستبقى الدعوة إلى الحوار بين المذاهب الإسلامية، همّاً يعايش وجدان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، فهو من يسعى إلى تحقيقها، والحد من تفادي آثارها؛ من أجل الوصول إلى حد أدنى من التوافق، ومنع الانقسام، وإخماد الفتنة، وتحصيل المصالح العظمى للأمة المسلمة، ودرء المفاسد الكبرى عن المسلمين، بعد أن بات منسوب “الطائفية” مرتفعاً، فأسقطت المنطقة بأسرها في أتون الأزمات الكارثية، التي لا رابح منها، وهو ما نراه واقعاً معاشاً - مع الأسف -، لم يكن في صالح المسلمين، لا في حاضرهم، ولا في مستقبلهم.
مبادرة خادم الحرمين الشريفين التي كررها - قبل أيام -، خلال حفل الاستقبال السنوي للشخصيات الإسلامية، ورؤساء بعثات الحج، كان الهدف منها: “الوصول إلى حلول للفرقة، وإحلال التعايش بين المذاهب، بعيداً عن الدسائس، أو غيرها، الأمر الذي سيعود نفعه لصالح أمتنا الإسلامية، وجمع كلمتها”. فهي فرصة تاريخية، ومبادرة نوعية؛ من أجل تجاوز المخاطر التي تحدق بواقع العلاقة بين المسلمين - بمختلف مدارسهم المذهبية -، ومن ذلك على سبيل المثال: الصراع - السني الشيعي -، الذي شكّل عنواناً لانشقاق العالمين - العربي والإسلامي -، وتصاعدت لغة التكفير داخل التيارات السياسية في المذهب الواحد، حين تدخلت فيها أبعاد سياسية، ومناطقية، ومصلحية، فانحرفت عن غاياتها.
إن اجتماع الجهود على دفع الأخطار المحدقة بالأمة - اليوم -، والسعي الجاد لكل ما يجمع شملها، وينهض بها إلى سبيل القوة في جميع مناحي الحياة - مطالب مشروعة -.. وإذا كان الله قد أمرنا بالجدال مع أهل الكتاب بالتي هي أحسن، فمن الأولى أن نتحاور مع أصحاب المذاهب الإسلامية؛ لحلحة اشتباك ظاهرة المشهد الفكري، والسيطرة عليه.
الحوار، هو المطلوب في هذه المرحلة - بالذات -.. فبه سنصل إلى كلمة سواء، وقواسم مشتركة.. ومن خلاله سنكرس معاني التسامح عندما تتلاقى الأفكار.. وسنعزز منهج الوسطية، والالتقاء عليه عندما تتبلور رؤية إسلامية موحدة في كيفية الحوار مع الآخر، ووضع آلياته الفاعلة على خارطة الطريق.
drsasq@gmail.com