كنت أخبئ أسرار جسدي عن كل العيون المتلصصة

كنت أحتفظ بسر تفاصيل جسدي ليوم موعود لم يحن أوان البوح به بعد

كنت قد وعدت الروح ألا تظهر تفاصيل هذا الجسد إلا لفراشة وغيمة

واليوم...

فما عاد هناك سر ولا أسرار... تعرى الجسد

ظهر الجسد بنتوءات أوجاعه... وارتجاج نبضاته

وظهرت تجاعيد السنين وخطوط السنين

وأوجاع السنين في ملامح سكناته

أيها الجسد المثقل بعذابات المرض... ووهن الزمان

ما عدت قادر على احتمال هذا النزف

ما عاد لديك ما تستر به عورة أوجاعك

أيها الجسد... مقدورك أن تصيبك عين المرض وتنتقي أجمل ما لديك وأنقى ما لديك... وأطهر ما لديك

وأعف ما لديك

أيها الجسد المتواري خلف أثوابك الزائفة

آن لك أن تكشف سترك... وتبين سرك.

فالمرض حين يفاجئنا لا ينتظر لحظات الإذن بالدخول

والمرض حين ينتقي أجمل مكونات أجسادنا ويطفق عليها بالألم المسترسل والمتمادي في الإيذاء إنما هو يعبَر عن حالة عشق والتصاق بجزيئات هذا الجسد

مقدورك أن تكون الحالة المستعصية الوحيدة بين مئات ملايين البشر

وهذا اصطفاء من مقدَر الأقدار... ولا مفر

اليوم أيها الجسد تعبث بك أيادٍ تنكرها ولا تعرفها

تتأمل هذه الأيادي تفاصيلك فوق سرير لونه أبيض... مخداته لونها أبيض... شراشفه لونها أبيض... زائريه لونهم أبيض...

كل شيء حولك أبيض

حتى الماء... يغدو لونه أبيض

في الغد سيأتي صاحب القرار ليحدد مصير هذا الجسد

ليقرر ملاءة صلاحيته أو تلفه

ولا اعتراض... فهذه مشيئة الله

فاصطبر واحتسب...

“البستاني”