يواجه بعض الكتاب السعوديين هجوماً شرساً من بعض الجهات وتوجيه سهام الاتهام لهم بخرقهم عادات وتقاليد وحتى أنظمة وقوانين مجتمعهم بل بلادهم والتي ورثوها عن آبائهم وعن أجدادهم، وأصبح هؤلاء الكتاب (المجتهدين) في (دائرة الاتهام) واجتهدوا في الفترة الحالية مع طفرة الإنتاج الثقافي والأدبي غالباً ما يغلب عليهم الطابع التحرري المتمرد على بعض الضغوط الحياتة والقهر الاجتماعي والفساد المالي والإداري, ما دعا أغلب الكتاب أما بهجر (الكتاب) للكتابة خوفاً من العقاب, أو التوجه إلى خارج البلاد للكتابة في الصحف الخليجية والعربية وحتى العالمية, رغم تأكيد الجهات المسؤولة في وزارة الثقافة والإعلام أنها لن تتعرض لهم بالعقاب أو الإسأة إذا التزموا بالسياسة الإعلامية للمملكة والتي تتخذ من الشريعة الإسلامية دستوراً لها, والتي تدعو للتسامح والأخلاق وعدم قذف الآخرين بما ليسوا فيه أو الإساءة للدين ثم الوطن والمواطن وولاة الأمر.
وقد تابعت في الفترة الماضية بعض الكتاب السعوديين من الجنسين الذين اضطروا في نشر محصولهم الأدبي من روايات وقصص وغيرها في خارج المملكة. بداية بالروائية أميرة المضحي والتي صرحت بالقول: «أنا أستغرب من منع نشر روايتي الأخيرة: «أنثى مفخخة» وعدم السماح لي بطباعتها في السعودية دون تبيان الأسباب رغم مخاطبتي لوزير الثقافة والإعلام معالي الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجه, واضطراري طباعتها في بيروت-لبنان الشقيق, خاصة وأن الكتابة عمل حر ويُفترض عدم تدخل النقاد أو حتى القراء في توجيه اتهامات وانتهاكات للكتاب كيلا تفقد الكتابة خصوصيتها».
ونحن جميعاً نتذكر رواية (بنات الرياض) للكاتبة رجاء عبدالله الصانع- والضجة الكبرى التي أثيرت حولها مما جعل الرواية مشهورة لا في المملكة فقط بل حتى في أمريكا, وكأنما منعها في السعودية جاء ليشهر الرواية عالمياً وتسويقها بالملايين- وهناك الكاتبة زينب حفني وروايتها «نساء عند خط الاستواء».. والكثير غيرهن وغيرهم.
ولنعود لسؤالنا السابق: «متى ومن يضع الخطوط الحمراء للكتاب السعوديين»؟ ويجيب عليه الناقد والكاتب السعودي الأستاذ محمد العباسي: «أن المشهد الأدبي السعودي لا يشهد وجود كتابة جريئة لعدم وجود كتاب وروائيين جرئيين ولا يمكن لكتاباتهم أن تصمد أمام الفحص الدقيق والمتبع في قانون الكتاب والنشر في وزارة الثقافة والإعلام, وأن ما يثار من أقوال واتهامات وحتى انتقادات يشبعها بعض المثقفين وعامة الناس على الملأ وفي الأوساط الإعلامية والأدبية, ما هي إلا زوبعة ومجرد أوهام واهية لدى مدعيها لا تنم عن قراءة جيدة, وبالتالي لا يتم استيعاب المفهوم الذي احتوته الرواية أو القصة أو حتى المقالة».
ماذا لو كل واحد من الكتاب وضع خطوطه الحمراء الذاتية والنابعة من غيرته على أخلاقيات وقيم مجتمعه السعودي المسلم؟ ماذا لو سمحت وزارة الثقافة والإعلام الجهة المسؤولية عن مراقبة الأعلام والإعلاميين,, القصصيين والروائيين وقصصهم ورواياتهم, ماذا لو أعطت المؤلفين والكتاب مساحة (حرة) دون أي خطوط حمراء أو إشارات مرورية (قف) وقالت لهم: «أنتم وقيمكم وأخلاقياتكم وولائكم وانتماءاتكم لدينكم ثم لوطنكم وشعبكم وولاة أمركم؟ ماذا لو فعلت ذلك؟. هل سيضطر الكتاب بأختلاف تخصصاتهم بالهجرة إلى خارج الوطن لنشر إنتاجاتهم التي تسيء لأخلاقيات المهنة؟ أنا شخصياً أشك أن أي سعودي صادق في ولائه وانتمائه لوطنه وشعبه سيسئ لبلاده أو في أخلاقيات وقيم مواطنيه.. أشك في ذلك... والله أعلم!
farlimit@farlimit.comالرياض