ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 26/08/2012 Issue 14577 14577 الأحد 08 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

قالت العرب: آفة العلم النسيان، وآفة الجود السَّرَف. طيب، سنضيف الآن حكمة جديدة: ما هي آفة المحاضرات؟ الجواب: الملل!

كل مَن قدَّم درساً يدرك أن ملل الحاضر هو من كبرى مشاكل المُحاضر التي تُضيع تعبه ووقته، ويشرح لنا عالم المخ جيمس مدينا أن المشكلة سببها أن العقل لا يستطيع التركيز لفترات طويلة، الذي وجده الباحثون أن العقل البشري أقصى ما يقدر عليه هوالتركيز لوقت محدد: عشر دقائق متواصلة، بعدها يسبح بعيداً في بحرٍ من الشرود والتشتت، ولا يدري العلم حتى الآن سبب هذا، وهذه الحقيقة تنطبق على 80% من الناس، وغالبنا أو كلنا شعر بها في الدراسة أو الاجتماعات، فيستحيل التركيز التام لفترات طويلة ونجد أنفسنا تائهين في التشتت بعد فترة طالت أو قصرت. لا بد من فترة راحة ولو قصيرة كل 10 دقائق، وإلا كان الضحية هو انتباه السامعين.

من الحلول هو أن يكون في حصص المدارس وقت راحة لمدة دقيقتين مثلاً كل 10 دقائق، لكن هذا يصعب بسبب ضيق الوقت، غير أنه يمكن حل هذه المشكلة على المستوى الفردي بدلاً من المؤسسي، وذلك بأن يكون المدرس أوالمحاضِر نفسه هو الذي يتولى تنشيط الدرس، وهذه ممكنة وطبّقها العالم مدينا بنفسه في جامعته التي يعمل فيها، وأظهر أسلوبه نجاحاً بالغاً في إيصال المعلومة لطلابه. ما هو هذا الأسلوب الذي نتكلم عنه؟

بعد عشر دقائق من الشرح فإن انتباه السامعين قد وصل إلى صفر، فعليك الآن أن تنعش انتباههم، والذي يفعله العالِم مدينا أنه يقسم الدرس إلى أجزاء صغيرة مدة كل منها 10 دقائق. مثلاً محاضرة مدتها 50 دقيقة تُقسم إلى 5 أجزاء طول الواحدة عشر دقائق، يحوي كل جزء فكرة عامة يمكن عرضها في دقيقة، ومن ثم التسع دقائق الأخرى تكون لشرح الفكرة، وبين كل 10 دقائق يأتي لب كلامنا، وهو طريقة الفاصل. إن أسلوب الفاصل يعتمد على ثلاثة أسس:

(1) يجب أن يثير نوعاً من المشاعر، كالضحك أو ذكرى جميلة.

(2) يجب أن يكون الفاصل ذا علاقة بالدرس وإلا بدا أنك تشتت الدرس بشيء عشوائي.

(3) الفاصل يجب أن يكون بين المقاطع أي كل 10 دقائق. هذا الفاصل يمكن أن يكون طوله ثوانٍ قليلة أو أكثر، حسب الحاجة.

مثلاً: تشرح درس أحياء عن نبتة جميلة، وبعد 10 دقائق تطلب من الطلاب أن يسرحوا بخيالهم ثلاثين ثانية في صمتٍ تام متخيلين جنّةً بديعة تمتلئ بها، ثم تتحدث 10 دقائق أخرى عن نبتة سامة وتذكر عنها معلومة مدهشة تثير شهقات الخوف، وهكذا.

أوتشرح درساً عن الزئبق وخصائصه ثم بعد نهاية الجزء الأول تريهم تطبيقاً عملياً باهراً لإحدى تلك الخواص لمدة دقيقة، وفي العشر دقائق الثانية تشرح شيئاً عن غاز الهيليوم ثم تخرج بعض بالونات بعضها هواء عادي وبعضها مملوء بالهيليوم وتريهم الفرق بشكلٍ طريف، وهلم جرّا. الأمر راجع لإبداعك في هذه الفواصل. مثل هذه الفواصل التي تثير مشاعر قوية مثل: السعادة أوالخوف (إلخ) كل 10 دقائق هامة جداً في الاحتفاظ بانتباه السامعين. العالِم مدينا يطبق هذه الأساليب منذ عام 1994م إلى اليوم ورأى لها نتائج رائعة، ونجح في جذب انتباه طلابه إلى نهاية الدرس بلا شرود أو تشتت، حتى أن طريقة التدريس الفعّالة هذه أحْصَلته على جائزة أفضل مدرس في السنة من قِبل مؤسسة هيشت ماريون العلمية. هذه تنفع ليس فقط في المدارس بل حتى الاجتماعات والمؤتمرات والخطب وغيرها.

تطوير التعليم بشكلٍ شامل هوالمطلوب، لكن للعرب حكمة أخرى تقول أنه ما لا يُدرَك كُلّه لا يُترَك جُلّه (أي أكثره)، ولعل هذه الطريقة المُجَرّبة علمياً فيها النفع إن شاء الله.

 

الحديقة
كيف تستطيع الاحتفاظ بانتباه الحاضرين؟
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة