لم يكن أحد ليصدق خبر انشقاق السيد مناف طلاس، حتى وإن روجت له وسائل الإعلام الغربية بتلك الطريقة المزيفة، فهو جزء من منظومة النظام المعقدة، وترتبط أسرته بعلاقات وثيقة مع النظام من خلال العلاقة القوية التي ربطت والده السيد مصطفى طلاس وزير الدفاع السابق بالرئيس حافظ الأسد، وما لا يدركه كثيرون هو أنه كان لطلاس الأب دور كبير في تعيين بشار في منصب الرئيس، وذلك عندما حاول كبار الضباط العلويين تنصيب أحدهم رئيسا بعد وفـاة حــافظ الأسد، فقد كانت كلمته مسموعة، وكانت كثير من مراكز القوى تسير وفق توجيهاته، ومن هنا جاءت العلاقة الوثيقة جدا والحميمية بين بشار ومناف، ولا يراودنا شك بأنه تم تهريبه من النافذة ليعود من الباب رئيسا، في حيلة مكشوفة وبائسة هندسها الروس والغربيون بترتيب مع بشار الأسد، وبإشراف مباشر من إسرائيل لإعادة إنتاج النظام، ولكن يظل السؤال الكبير: هل ستنطلي هذه الـحيلة على الشعب السوري؟، وهل سيضحي بكل الدماء التي سالت ليعود له ذات النظام بقناع آخر؟.
لقد أثبتت التجارب المتكررة على مدى عقود أن الأمم المتحدة، ومنذ عصرها الذهبي بقيادة الدبلوماسي الماهر النمساوي كورت فالدهايم، لا تعدو أن تكون أكثر من سكرتارية للقوى الكبرى، وبالتالي لا يعدو أمينها أن يكون أكثر من « سكرتير « أو مرسول لتلك القوى، ومتى ما فشلت مهمة السكرتير فإن الفيتو بالمرصاد لأي تحرك خارج نطاق رغبة القوى الكبرى، ومع ذلك فإنها - وخلال تاريخها الطويل- لم تنزلق لمثل هذا المستوى من الأداء المتدني منذ قيام الثورة السورية، خصوصا ما يتعلق بمهمة أمينها السابق السيد كوفي عنان، والذي تحول بالفعل إلى « مرسول»، بدلا من مهمته الرئيسية كحكم بين الأطراف المتصارعة داخل سوريا، وهو ما أفقده وأفقد الأمم المتحدة ما تبقى لها من هيبة، وسيكون لهذا تأثير كبير على مصداقيتها في قادم الأيام.
وزاد الأمر سوءا ذلك الانشقاق المزعوم لسفير سوريا بالعراق، والذي جاء - يا للمصادفة- بعيد زيارة أنان لها، ما يعني أن هناك أطرافا أخرى غير مناف طلاس يتم الترتيب لها لتكون جزءا من النظام السوري القادم، وربما لو تم كل هذا بطريقة أكثر غموضا، وقبل أن تسيل كل تلك الدماء لقبله الشعب السوري، ولكن أن يأتي بهذه الطريقة الاستفزازية المكشوفة، وبعد كل تلك الخسائر فإن المتوقع هو أن لا يقبل به الشعب، حتى ولو قبلت به بعض أطراف المعارضة، خصوصا تلك التي ارتبطت بالروس، وهي معارضة أصبحت عبئا على الشعب السوري وثورته، فلننتظر لنرى.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2