هاهو العام الأول على رحيلك الأبدي يلفظ أنفاسه الأخيرة ومازالت ذرات التراب التي اهليناها على مثواك الأخير متشبثة بأجسادنا، وتلك اللبنات التي خلطناها بدموعنا لتضمد فينا جرح فراقك عالقة بأناملنا..
أبا الوليد.. مازلت فينا حيا بحرارة مصافحتك الأولى التي غرست بها في كل كف لامس كفك مفاتيح لعالم آخر، عالمٌ تحوم في فضائه الأخلاق النبيلة وتغرد على أغصانه الصفات الحميدة.
مازلت فينا حيا.. بطيبة روحك التي مازال شذاها يعطر شفاهنا كلما مر ذكرك، بسمو مبادئك وكرم خصالك، بوفائك الذي جاوز حدوده بشموخ أفعالك إذا كبلت الهموم ابتسامتنا واختلط أنين المواجع بأنفاسنا، وأثقلت مدلهمات الحياة أعتاقنا، بابتسامتك التي تتسرب من ملامح وجهك كشروق يوم جديد ينبلج لها ظلمة ليل طويل. مازلت فينا حيا.. بعلمك الذي غرست بذوره في بيداء طلابك حتى أحلتهم إلى بساتين تزهر بالثقافة والأدب في شتى العلوم، بإحساسك المرهف في نظم القوافي عندما تسكبها في مسامعنا كشآبييب حلم مجيد يوقف كل متحرك حولنا ليحرك كل ساكن في أجسادنا بلغة شاعرية وصوت شجي.
أبا الوليد..مازلت فينا حيا بدفء مصافحتك الأخيرة عندما اكتوينا بالمصاب وشدت قلوبنا رحالها إليك لتقف أجسادنا مرتصة أمام تلك الأجهزة الطبية المحيطة بجسدك الناحل، شاخصة أبصارنا، تلهج بالدعاء ألسنتنا، مرفوعة للسماء اكفنا، حينها بعظيم إيمانك ورضاك بقضاء الله وقدره استطعت أن تخمد بركان فزعنا بابتسامتك المعهودة وأنت تتلو قوله عز وجل (وبشر الصابرين الذين إذا إصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وان إليه راجعون).
ربي إني أشهدك واشهد ملائكتك بأنه رحل والكل راض عنه فأرضى عنه ووسع مدخله واسكنه الفردوس الأعلى واجمعنا به في دار كرامتك.
أحمد موسى محرق