إذاعة القرآن الكريم بركة علينا، وعلى مجتمعنا كله، وعلى هذه البلاد المباركة، بل لا أبالغ إن قلت إن هذه الإذاعة المباركة هي أيضاً من بركات هذه البلاد الغالية، وجهود ولاة أمرها - وفّقهم الله- لنشر العلم الشرعي، والدعوة إليه.
وكاتب هذه السطور قدَّم العديد من البرامج الإذاعية في جميع وسائل الإعلام، لكن المجال الرئيس الذي عُرفت به، واشتهرت من خلاله هو إذاعة القرآن الكريم، تلك الإذاعة المباركة كنت أركب سيارتي قبل أيام، ومعي أولادي، في شارع الناصرية، وهو الطريق الذي أسلكه - عادة- في الذهاب إلى عملي، وكان الشارع مكتظاً بالسيارات، حدثت أولادي عن رحلتي اليومية عبر هذا الشارع، في كل فجر يوم جديد، حين كنت أقطع الشارع متجهاً إلى إذاعة القرآن، لأدرك الفترة الصباحية في إذاعة القرآن الكريم، حيث كانت هي الفترة المفضَّلة لديّ، وكانت البرامج المقدمة في تلك الفترة هي سبب شهرتي الحقيقي والذي لا يعرفه الكثيرون أن هناك من كان يقف ورائي، ويساعدني على إنجاز أعمالي على أفضل وجه، إنها زوجتي وأم أولادي - أم خالد- رفيقة الدرب، لكم سهرت ليلها لكي توقظني فجرًا كي أدرك برامجي، وكم كانت تجلس تسجّل لي مواعيدي وارتباطاتي، وتذكّرني بها في أوقاتها، وكم صبرت على كثرة ارتباطاتي وتغيبي في أعمالي، وتحمّلت كل ذلك، فكانت لي خير عون وسند بعد الله تعالى. إنما ذكرت ذلك لأقدّم لها آيات الشكر والعرفان بالجميل، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: «لم يشكر الله من لم يشكر الناس» فجزاها الله عني كل خير، وكتب ذلك في موازين حسناتها يوم القيامة.
ولنا الأسوة الحسنة في رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، فإنه كان دائماً يذكر خديجة بكل خير بعد موتها، وكان يحسن إلى صديقاتها، ويرسل إليهن بالهدايا، وذكر إحسانها - رضي الله عنها- إليه- صلى الله عليه وسلم- يومًا فقال: (صدَّقتني إذ كذَّبني الناس، وواستني بمالها، ورزقني الله منها بالولد) صلوات الله عليه وسلامه، ما أعظم وفائه لزوجته، وما أجمل ذكره لأهله بخير، وما أحسن تذكّره لمواقفها النبيلة الجليلة.
ولما كان لنا فيه - صلى الله عليه وسلم- الأسوة الحسنة كما أمر الله تعالى، لذا فقد كتبت هذه الخواطر، لأذكر فضل هذه الزوجة علي، وإحسانها إليَّ، ووقوفها إلى جانبي، فهي والله جديرة بذلك، جزاها الله كل خير، وأحسن إليها بما هي أهله. والله من وراء القصد، والحمد لله رب العالمين.