يسأل أحدُ الأشخاص عن أفضل المستشفيات الأهلية بالرياض.. عن مستشفى يقدّم لك خدمة لا تقل عمَّا تدفعه له أنت من الرسوم، سواء كانت هذه الرسوم من جيبك الخاص مباشرة أو من شركة التأمين..!
مشكلة المرضى مع المستشفيات الأهلية ليس أنها تتقاضى رسوماً قد تكون عالية في الكثير من الأحيان، فهذه المستشفيات ليست جمعيات خيرية، بل مشاريع استثمارية ومن حقها أن تربح لكي تستمر في تقديم خدماتها.. وغلاء الخدمات التي تقدمها المستشفيات الأهلية مسألة نسبية ما لم تصل حد الاستغلال القائم على الاحتكار مثلاً، لكن المشكلة - بالنسبة لمعظم المرضى - هي سوء الخدمة.
أنت تدخل على الطبيب، بعد انتظار مرير في بعض الأحيان، لتجده مشغول الذهن يستعجلك في إنهاء المقابلة ولا يمنحك الوقت الكافي لشرح مشكلتك.. بل قد يتسرّع في تشخيص المرض ويكتب لك الدواء قبل أن تنتهي من عرض مشكلتك عليه، ثم بعد أن تنبهه إلى بقية الأعراض التي تعاني منها يقوم فوراً بتغيير الدواء لأنه لم يمنحك في البداية الوقت الكافي ولم يستمع إليك..!
ليس المقصود، بالطبع، أن يروي المريض قصة حياته على الطبيب، أو أن يقضي في مكتبه وقتاً أطول مما يتطلبه تشخيص المرض.. وإنما فقط أن يأخذ المريض فرصته لشرح معاناته، فالأطباء - قبل غيرهم - يعرفون أن أعراض الأمراض تتشابه في بعض الأحيان، فليس من الحكمة التسرّع في التشخيص قبل معرفة التفاصيل.
أما إذا كان المريض ممن يحملون وثيقة تأمين، فهو قد يتحول إلى حقل تجارب..! بعض الأطباء - بإيعاز من إدارات المستشفيات - يطلب من المريض إجراء فحوصات في المختبر أو عمل أشعة أو غير ذلك مما لا تتطلبه حالته المرضية.. بعضهم يطلب كل ذلك لمجرد تغطية تكاليف تشغيل بعض الآلات التي يجلبها المستشفى أو لتحقيق دخل وأرباح للمستشفى.
على عكس ذلك، ثمة نماذج إنسانية رائعة وكثيرة في جميع المستشفيات الأهلية والحكومية. أطباء متفانون في خدمة المريض يصبرون على نزق بعض المرضى ممن يتطاولون عليهم أحياناً بالقول وباليد. كلنا نعرف هذه النماذج الرائعة، ولعلهم إن شاء الله هم الأكثر.. لكن موجة المبالغة في «تتجير» commercialization الطب بما يسيء إلى البعد الإنساني لهذه المهنة النبيلة هو ما يزعج المريض المنصف الذي لا يعترض على أن تربح المستشفيات الأهلية ولكن بشرط أن تقدّم خدمة مساوية لما يدفعه من الرسوم.
يرى كثيرون أن هذه الممارسات هي نتيجة لغفلة الجهات الرقابية الرسمية وتقاعسها عن أداء واجباتها. قد يكون ذلك صحيحاً، لكن الصحيح أيضاً أن ضمير الطبيب هو الرقيب الحقيقي. نحن نخاطب ضمير الطبيب قبل أجهزة الرقابة الرسمية.
alhumaidak@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض