في استطلاع أجراه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، حول مستوى التواصل بين السعوديين والمقيمين، تبيّن أن 35 % من السعوديين يرون أن المقيمين لا يجدون صعوبة في التأقلم مع عادات وتقاليد المجتمع السعودي.
وفي تصوري الخاص أن العادات والتقاليد السعودية ليست مركبة ولا معقدة بل قادرة على التماشي مع معظم الجنسيات خصوصا إذا ما حاولت هذه الجنسيات التعرف على الخطوط والاقتراب من الخطوط العامة لعاداتنا وتقاليدنا.
أقصد بالعادات والتقاليد هي تلك التي تشترك فيها معظم البيوت السعودية وليست العادات الوافدة علينا من التشدد والغلو التي طرأت عليها نتيجة لبعض المؤثرات الخارجية.
ومثالاعلى ذلك تلك الشائعة التي تبناها بعض كتاب الرأي من الدول العربية، مثل ما ذكر الكاتب المصري علاء الأسواني في أكثر من مقال ولقاء تلفزيوني من أن المصريين الذين أتوا للعمل في السعودية قد اكتسبوا صفة التشدد الديني متأثرين بالسلفية والوهابية، وهنا أؤكد للزميل الأسواني وغيره ممن يحملون هذا المعتقد الخاطئ أن المجتمع السعودي بطبيعته منفتح، وأنه ابتلي بالتشدد مثله مثل غيره من بعض المجتمعات وهذا التشدد جاء إلى بلادنا عندما فتح الملك فيصل -رحمه الله- أبواب بلادنا للإخوان المسلمين، عندما أحسن الظن فيهم ودعته الحمية الإسلامية لحمايتهم من العذاب، وفيما بعد تمكنوا من زرع بعض الأفكار المتطرفة والتي لازلنا نحصد جراحها إلى اليوم، ولا زال مجتمعنا يحاول التصدي لهذا الغزو الفكري الإخواني والجهيماني إلى اليوم. والسؤال الذي يطرح نفسه: حركة جهيمان هي نتيجة ماذا؟ وكل الفكر الذي أتى بظلاله معها وبعدها؟
هنا في اعتقادي تاريخ يحتاج لإعادة قراءة ممن يرمون التهم جزافا دون معرفة لمعاني هذه التهم، والتاريخ أتى بتسلسل وتراتبية لا تخفى على أحد، وتاريخ سيد قطب شاهد على ذلك. أما من يقوم بعمليتي القص واللصق وإعادة ترتيب الأحداث التاريخية وفق أهوائه الشخصية فهذا ليس بالأمر المنطقي ولا يعطي رؤية عادلة للأحداث!
قد يقول بعض «الوهابية»، هذه العبارة التي تُردد دون دراية، ومن يقرأ في تاريخ المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب لن يجد كل هذه التهم في تاريخه، لأنه رجل إصلاحي مجدد، أتى إلى الجزيرة العربية وهي غارقة في الشركيات، من تبرك بالأضرحة وعبادة للقبور وأصحابها، لذا نرى من يحاول إلصاق تهمة الوهابية هو ممن يريد اللطم والصراخ عند قبور أحبته، فالشيخ محمد بن عبدالوهاب في دعوته التجديدية حارب أفعالا أقل ما يمكن أن يقال عنها هي أنها لا تمثل الإسلام الصحيح, ودعوته كانت دعوة إلى إسلام محمد -صلى الله عليه وسلم- وإسلام صحابته رضوان الله عليهم إذ إنهم لم يعرفوا إلا التوجه لله وحده.
استغربت كثيراً من تلك الهجمة الشرسة للأستاذ علاء الاسواني وغيره على تاريخ قُرئ مبتوراً، في وقت يُفترض فيه أن يتحمل الكاتب مسؤولية الكلمة ولا يدخل في مماحكات هي بطبيعة الحال لن تؤثر على العلاقات السعودية -المصرية- الراسخة، فالسعودية ومصر أختان كبيرتان وحليفتان أبديتان ولا يمكن أن يؤثر على علاقتهما مثل هذه المماحكات التي لن تضر لكنها سوف تعطي انطباعا غير ودود عن الكاتب نفسه.
www.salmogren.net