Friday  24/12/2010 Issue 13966

الجمعة 18 محرم 1432  العدد  13966

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

 

الحذر من القول في الدين بغير علم
فهد بن محمد العطيوي *

رجوع

 

بعض الذين يتصدون للفتيا والوعظ يُجّهِلون عامة الناس. فهناك من يستشهد ببعض الآيات القرآنية الكريمة ويسهب في تفسيرها لتوافق هواه.. وهناك من ينطق بالأحكام الشرعية دون علم، وآخر يدعي الإفتاء، ومن يقوم على تفسير الأحلام، ولم يدر بخلد أحدهم أن مثل هذا العمل هو الهلاك بذاته. وقد رأيت أن أنبه على ذلك مستعيناً بالله فأقول:

إن فهم الكتاب والسنة واستنباط أحكامهما، منصب شريف ومقام كريم، وهو توقيع عن رب العالمين بإيضاح الحلال والحرام، ومآلات الأحكام.. ولا بد لمن عرض لآيات القرآن الكريم أن يرجع إلى التفاسير الصحيحة وأن يكتفي بالنقل عنها والرجوع إليها، وليس من حقه أن يزيد على ذلك، إلا لدى عالم اكتملت لديه الشروط التي حددها العلماء للمفسرين. فقد ذكر السيوطي خمسة عشر علماً لا بد من معرفتها للمفسر. ثم يقول: «قال ابن أبي الدنيا: وعلوم القرآن وما يستنبط منه بحر لا ساحل له، قال: فهذه العلوم التي هي كالآلة للمفسر لا يكون مفسراً إلا بتحصيلها، فمن فسر بدونها كان مفسراً بالرأي المنهي عنه، وإذا فسر مع حصولها لم يكن بالرأي المنهي عنه.. قال: والصحابة والتابعون كان عندهم علوم العربية بالطبع لا بالاكتساب، واستفادوا العلوم الأخرى من النبي صلى الله عليه وسلم.

يذكر بعض أئمة العلماء عبارة لها دلالتها فيقول: «إنما يفسد الأبدان نصف متطبب، وإنما يفسد الأديان نصف متفقه». فمن أدرك بعض العلم لا يُعد عالماً بحق ولا يجوز له أن يُفتي ويفسر ويشرح أمور الدين، ومثله كمثل طالب الطب الذي درس عاماً أو عامين في كلية الطب ثم أجاز لنفسه أن يعالج الناس ويداوي المرضى.

وقد ورد في القرآن الكريم، العديد من الأدلة على تحريم القول في الدين بغير علم، قال تعالى في سورة الأعراف {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}. وقد رتب الله -سبحانه وتعالى- المحرمات أربع مراتب، فبدأ بالفواحش، ثم الأشد تحريماً منه وهو الاثم والظلم، ثم بما هو أعظم تحريماً منهما وهو الشرك به سبحانه وتعالى، ثم ما هو أشد من ذلك كله وهو القول عليه -سبحانه- بلا علم.

يقول ابن كثير في مقدمة تفسيره: «.. فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام، لما رواه محمد بن جرير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار».. وهكذا أخرجه الترمذي والنسائي ورواه أبو داود.. وقال الترمذي: هذا حديث حسن، ويذكر ابن كثير كيف كان الصحابة والسلف يتحرجون من الكلام في كتاب الله حتى إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: «أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم».

وأما الحديث فكذلك جاء النهي الشديد عن التقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل، وعن الكذب عليه مع التعمد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم «من كذب علي متعمداً، فليتبوأ مقعده من النار».. رواه البخاري ومسلم وغيرهما، وقال المنذري في «الترغيب والترهيب»: «وهذا الحديث قد روي عن غير واحد من الصحابة والسنن والمسانيد وغيرها حتى بلغ مبلغ التواتر، والله أعلم.

وفي الختام، أسأل الله أن يخلص أعمالنا، ويختم بالصالحات آجالنا، ويعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، ويزيدنا علماً وعملاً صالحاً يرضيه عنا.

* الرياض

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة