تحولت الهبة الربّانية إلى ابتلاء ماحق؛ فلهذا الطفل عين ثالثة في سرّته، مقلوبة إلى الداخل، تتمتع برؤية ما يجري في غيابة الأحشاء من جريان شلال الماء الرقراق، والحليب الصافي في المريء، وهبوطه إلى الأمعاء، وتحوله إلى زلال أصفر يجول في مثانته، وهو ينطلق ليراه مداعبا خد الأرض.
ولما كبُر وتعلّم الكلام والالتهام، أصبح المنظر لديه مقززا، حينما يلاحقه برؤاه المهيّجة، جالساً ومستلقياً أو ماشياً.
إفرازات كيميائية، أخلاط، وعصارات هدارة تحوّل اللقم الصلبة إلى خماج لزج. فكان يستفرغ دائما حتى يكاد أن يقيء روحه أكثر من مرة.
ولما لم يجد بُدَّا من إنقاذ نفسه، تحامل عليها واخترق سّرته بسكين، وفقأ بها عينه الباطنية.
وما أن تلاشت غمامة الألم، وفتح عينيه حتى عانق العمى السعيد.