هيا يا فأرتي العزيزة، بإمكانك الوصول إلى قطعة الجبن. الفأرة في القفص تفعل كل ما تفعله الفئران عادةً. أرجوك ركزي معي، هذه هي قطعة الجبن، يقربها من القفص، انظري كم هي شهية، وطازجة، ومستوردة، أعرف أنك لا تحبين الجبن المحلي.
أعلم أني أسيء معاملتك أحياناً، بل أحرمك الطعام، حتى بانت عظامك، وأعلم أني أقسو عليك أحياناً، أعتذر على ذلك، حقاً أعتذر على صعقي إياك بالكهرباء، ولكني أشعر أنك لا تفهميني، أو لا تريدين أن تفهميني، حقاً لا تريدين أن تفهميني! ولكن لماذا، لماذا! ثم يجهش في البكاء.
على الرغم من كل ما فعلت، وأفعل -نبرة صوته تبدأ بالارتفاع تدريجياً- تخليت عن عملي، ووقتي، وأحلامي، تخليت عن كل شيء ثمين من أجل قطعة الجبن، من أجلك، يا غبية، يا بلهاء، يرفس القفص بقوة، أعتذر يا حلوتي، حقاً أعتذر، أقسم أني لم أقصد ذلك، ولكن هذا ما يحدث حين لا تفهميني.
تعالي يا حلوتي، تعالي، يحملها ويمسد رأسها، يكفي أنك الوحيدة التي لم تتخل عني، يكفي أنك الوحيدة المخلصة لتجاربي العلمية، لقطعة جبننا.
صوت جرس الهاتف.تباً، من يتصل الآن، لا أحد يعرف رقمي، يحمل السماعة بخوف.
- معك مكتب التحقيقات.
= أهلاً أهلاً سيدي.
- لا تقاطع، مصادرنا تقول إنك ما زلت تقوم بتجاربك العلمية.
= لا أبداً، يستحيل أن أفكر في ذلك، بل وحتى شهادتي العلمية أحرقتها!
- وماذا تفعل الفأرة عندك؟ اعترف!
= ينظر إليها شزراً ويقول: هي كل من أعرف الآن، تشاكس وحدتي أحياناً، وأشاكسها أحياناً.
- حسناً، ولكن لا تنس، نستطيع الوصول إليك متى ما شئنا، أنت حتماً لا تريد العودة إلى الزنزانة! ثم يغلق السماعة.
هل حقاً وشيت بي! لا يمكن أن يعرفوا إلا منك. ولكن لماذا! أحياناً أشعر أنك تطلبين صعقتك الكهربائية، وتعرفين أني لا أستطيع أن أرفض لك طلباً، يصعقها بالكهرباء.
والآن هيا، وقت العمل. يحملها ويرميها في المتاهة. تسير فيها بسهولة، كمن يحفظ الطريق عن ظهر قلب، وقبل قطعة الجبن بجدار، كل ما عليها أن تفعل الآن هو الانعطاف يميناً، ثم إلى اليسار، وها هي قطعة الجبن أمامها. إلا أنها تبدأ في العودة من ذات الطريق الذي أتت منه.
لا، لا، ماذا تفعلين، من هناك، من هناك، عودي، توقفي، يا لعينة، يا بلهاء، يقحم يده في طريقها، تعضها وتكمل. يصرخ ألماً، أرجوك توقفي، توقفي، لماذا تفعلين بي ذلك، لماذا، ثم يمسكها بقوة من رقبتها، ويقربها من وجهه. تباً لك، بعد كل ما فعلت، بعد كل ما فعلت، ولا تصلين!
يلقي بها في القفص، ثم يعود إلى المتاهة، يلتهم قطعة الجبن، ويذهب إلى النوم.