|
لا يستطيع دارس أو باحث أن ينكر ما لفن المقالة من أثر في الفكر الإنساني الفردي والجمعي حيث لا يقتصر تأثيره في فكر قارئه وسلوكه فحسب، بل يمتد إلى أبعاد وتراكمات لا تظهر ملامحها إلا بعد حين.
وقد قدمت الأستاذة مثيرة المبدل دراسة في أدب المقالة في أدب محمود عارف وقالت في مقدمة الكتاب الذي نُشر ضمن سلسلة الرسائل الجامعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: لم تكن ريادة محمود عارف الدافع الأوحد في عملية اختياره للدراسة، بل ثمة أسباب أخرى دعت إلى ذلك ومنها:
1- توافر المادة العلمية للدراسة المتمثلة في نتاج العارف المقالي الذي يربو على أربعمائة وست مقالات هي المجموع العام للمنشور في إصدارات.
2- تميز أسلوب المقالة عند العارف بالواقعية والصدق والوضوح والسهولة مما أثار كوامن الإعجاب في نفسي.
3- الحس الوطني المتقد والشعور بالمسؤولية وأداء الواجب الذي كان أبرز سمات الكاتب.
4- الوفاء والتكريم لهذا الأديب الذي لم ينل من الدراسة والذكرى ما هو جدير به.
وقد سار البحث على خطة اشتملت على فصلين يسبقها مقدمة وتمهيد ويعقبها خاتمة.
حيث تناولت في التمهيد: بيئة الحجاز الثقافية والأدبية وعرضت نبذة عن حياة محمود عارف.
وفي الفصل الأول: كان الحديث عن أنواع المقالة في أدب محمود عارف ويشتمل على: مدخل وخمسة مباحث وهي: المقالة الأدبية، والمقالة الاجتماعية والمقالة السياسية.
أما الفصل الثاني: فقد جاء في مدخل وخمسة مباحث هي: الأفكار والمعاني والألفاظ والتراكيب والبناء المقالي والعاطفة والظواهر الأسلوبية والبلاغية.
وعن أسلوب الأديب محمود عارف في الكتابة قالت المؤلفة: يُعد محمود عارف من أصحاب أسلوب الترسل وهو الأسلوب القائم على الزهد في ألوان البديع والحرص على انطلاقة الأسلوب ورحابة الفكر وسعة في مجال التعبير وتوخي سهولة العبارة مع أحكام تركيبها وحسن تأديتها للمعنى.
وتحت عنوان: القيمة الفنية لمقالات محمود عارف قالت المؤلفة:
لقد كانت عناية عارف بمضمونه ومعانيه على حساب تجربته الفنية إذ أحكمت الواقعية قبضتها على مقالاته فشاعت في أساليبه المباشرة والوضوح الذي يفتقر في كثير منه إلى الأسلوب الفني.
وقالت المؤلفة في خاتمة الكتاب: أبانت عن مكانة بيئة الحجاز على مستوى الثقافة والأدب ودورها الريادي في ميادين النهضة عامة وخاصة في العهد السعودي.
- لم ينعدم تأثير البيئة الثقافية والأدبية الحجازية في الكاتب محمود عارف وهو ابن الحجاز وذلك من خلال توجهاته الفكرية واهتماماته الثقافية وملامح شخصيته الأدبية.
- كشفت الدراسة جوانب عدة من سيرة محمود عارف الذاتية التي لم يسبق الإشارة إليها أو تناولها من قبل فشكلت بذلك أحد المصادر الموثقة لحياة العارف ونتاجه.
- ظهر خطاب التغيير في مقالاته الاجتماعية إذ كانت المرحلة التي عاصرها الكاتب وكتب مقالاته تحت مظلتها تعاني مشكلة في عدم التوازن بين حجم المتغيرات المتلاحقة وغياب القوانين أو ارتجالها فصيغت بعض مقالاته في سياق يتلاءم والواقع الاجتماعي والمرحلة المتغيرة خاصة مع ازدياد تدهور الماضي أمام استعراض التطور المادي واضمحلال الجانب الإنساني في التغيير وهو ما سعى إليه العارف عندما كانت مقالاته تنفح بالجانب الإنساني والبعد الأخلاقي في ظل ضعفها مع موجة التغيير العارمة إذ كان يحاول جاهداً الموازنة بين دعوته للتغيير ومحافظته على كل ما هو إنساني أخلاقي أصيل.