تلقيتُ مكالمة هاتفية من أخ عزيز ذكر لي أنه في إحدى حلقات برنامج «إرسال» سُئل ضيف الحلقة الدكتور فهد القريني عمَّنْ أول رئيس للشباب، عبدالرحمن بن سعيد أم لك رأي آخر؟.. فأجاب بأن عبدالرحمن بن سعيد ليس هو أول رئيس للشباب، وأظن أن أول رئيس هو عبدالحميد مشخص أو عبدالله بن أحمد. واستغربت من هذا الظن الذي أوقعه في خطأ تاريخي فادح لا يُغفر لمثله؛ لأن رئاستي للنادي هي قبل أربع وستين سنة، فهل الدكتور كان موجوداً؟ لا أظن، بل أجزم بأن عمره لا يتجاوز الخمسين أو أقل من ذلك.. الحقيقة أنا لم أتابع برنامج «إرسال»؛ لأنه في وقت لا يسمح لي بمشاهدته، وإذا هو فعلاً قد تحدث بهذا الظن - وهو المحسوب على ناديه الشباب - ولا يعرف رؤساء النادي، فها أنا أصحح له ما خفي عليه، فالشباب كان أفراده جزءاً من فريق الموظفين، وهم كُثر، يتجاوز عددهم الخمسين فرداً، يمارسون نشاطهم عصراً كل يوم جمعة من الأسبوع، وقد سبق لي أن أوضحت في طروحات صحفية الكثير مما حصل من نقاشات حادة، وهذا ما جعلنا نترك هذا الفريق لنؤسس فريقاً مستقلاً بذاته، وقد طلبتُ من عدد من الموظفين صغار السن بالنسبة للآخرين الانضمام إلينا، وعددهم عشرون فرداً، ومن بين هؤلاء ثلاثة أشخاص من كبار الموظفين هم الأساتذة صالح ظفران وحامد نزهت ومحمد أحمد صايغ، واعتمدنا على الله ثم عليهم بقدراتهم وخبرتهم، فاجتمعنا اجتماعات عدة لتسمية النادي تمخضت عن اسم (شباب الرياض)، ومن ثم اجتمعنا مرة أخرى لترشيح الرئيس، فطلبت أنا شخصياً أن يتولى الرئاسة أحد الثلاثة كبار السن، وأحدهم جدير بها، لكنهم جميعاً اعتذروا لأسباب مبررة؛ فالأخوان الصايغ ونزهت ذكرا أنهما سيحالان إلى التقاعد قريباً ولا يستطيعان الالتزام بالرئاسة، أما الأخ صالح ظفران وبعد الإلحاح بأن يُرشح رئيساً أيضاً اعتذر لأمور خاصة وأسرية ذكرها للجميع، وعند ذلك اجتمع الثلاثة بطلب من المرحوم - إن شاء الله - صالح ظفران، وانتهى اجتماعهم بترشيحي للرئاسة، والحمد لله سرت بالنادي إلى الأفضل، وأحمد الله أن الشباب أصبح من أفضل الأندية، ويديره نخبة مميزة طورته، وهو الآن مستمر مع فرق المقدمة، وهم متحمسون لتطويره واستمراره في المقدمة مع الأندية الكبيرة، وما دام محور حديثنا عن نادي الشباب وتأسيسه عام 1367هـ فلا بد من أن أعطي القارئ الكريم مَنْ هُم رؤساء نادي الشباب بالتسلسل إلى ما يقارب الأربعين عاماً وأكثر؛ فأول رئيس له عبدالرحمن بن سعيد لمدة عشر سنوات بداية من 1367هـ إلى 1377هـ، وخلفه نائب الرئيس عبدالله بن أحمد - رحمه الله - شهر صفر من 1377هـ إلى 1385هـ، وفي اجتماع صاخب نتج منه استياء رئيس النادي عندما أحس بأن ما طُرح يسيء إليه قدَّم استقالته وانسحب من الاجتماع ورُشِّحَ في الجلسة نفسها الأستاذ إبراهيم مديني المدير العام لوزارة الزراعة، وبعد عامين تقريباً قدّم استقالته، ورُشِّح الأستاذ عبدالله التويجري - رحمه الله -، وبعد مدة قصيرة استقال عبدالله التويجري، ورُشِّح الأستاذ عبدالحميد مشخص - رحمه الله -، وهو الذي رشحه وعيّنه الدكتور فهد القريني بوصفه أول رئيس، ولعله الآن يعرف أن المشخص هو خامس رئيس للشباب وليس أول رئيس؛ لأنه لم يكن مع الذين خرجوا من الموظفين، إلا أنه بعد سنة ونصف السنة التحق بالشباب.
وهنا ما دام الحديث من أجل التعريف بمن هو أول رئيس فإنني سأعطي معلومات إضافية لمَنْ قد طرحوا في الإعلام أن أول أمير رأس الشباب هو الأمير ماجد بن سعود، ومع أنني صححت لمن يتطاول على التاريخ بمثل هذا الطرح، إلا أنني أعيد ما ذكرته في تصحيح للأخوَيْن عبدالله الجارالله المالكي ومحمد بن عاتق؛ لإصرارهما على أن الأمير ماجد هو أول أمير يرأس الشباب، وقد طالبتهما بالوثائق الموجودة، ولكن لا حياة لمن تنادي. أعود إلى رؤساء الشباب، وبعد رئاسة عبدالحميد مشخص رُشِّح الأمير العزيز والمحبوب من جميع الرياضيين فهد بن ناصر بن عبدالعزيز - رحمه الله -، وهو أول أمير يرأس نادي الشباب، وتبعه فيما بعد الأمير خالد بن سعد - أطال الله في عمره -، ثم الأخ محمد جمعة الحربي، وهذا الرئيس يُطلق عليه «الرجل الذهبي»، وهو أول من جاء بالبطولات لنادي الشباب، وبَعده عاد الأمير خالد بن سعد، وبعد سموه ترشح الأستاذ سليمان المالك، والذي يقول غير هذا فهو جاهل بالتاريخ.
هؤلاء العشرة هم الرؤساء منذ بداية تأسيس الشباب، ولعل للأخوَيْن عبدالله الجارالله المالكي ومحمد بن عاتق يقتنعان بما شُرح الآن.
هذا ما يخص الأخ الدكتور الخلوق فهد القريني، مع أنني أجزم بأن هناك مَنْ غرّر به؛ لأنه بدأ في إجابته بالظن بأن المؤسس فلان أو فلان، وهنا أحببتُ التصحيح الذي لن يجده عند الآخرين، وأيضاً لا يخدش ذلك من مقام الدكتور الأخ فهد القريني في أي شيء.
قبل أن أختم كلامي لا بد من العودة إلى ما قاله اللاعب فهد المهلل - لاعب الشباب - في إحدى الصحف، وهو مكرر من كلام الدكتور فهد القريني، إلا أنه سمى شخصاً آخر هو إبراهيم مكي، وتعيينه لهذا الشخص أدى إلى أن كرره كثير ممن لا يعرفون التاريخ؛ فها أنا أوضحت الأسماء التي رأست نادي الشباب منذ البدايات إلى ما بعد الأربعين عاماً، وأقول: مع الأسف إن النجم إذا اختفى بدأ يبحث عن الأضواء لعله يعود للظهور حتى لو كان ذلك على حساب الآخرين، وهذا لاعب ضمن عشرات اللاعبين المنتسبين لنادي الشباب، وما عليه إلا دخول ناديه ليتعرف على الرؤساء من داخل النادي، وربما يجد مَنْ يهديه إلى ما تجاهله، ولكنني أكرر أن الزمن إذا أدار ظهره للاعب أو مسؤول في ناد ما ونسيه الآخرون بدأ يبحث عن عودة الأضواء لعل وعسى يجد من يعيده إليها، وأكرر: عُدْ إلى ناديك قبل أن تتحدث فيما لا يعنيك، ولا تنصَع إلى مَنْ يغرر بك؛ فأنت لاعب كبير، ونحن نعرف من وراء هذه الطروحات، وهي لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا تغير من التاريخ شيئاً.
وقبل الختام سأعطيك نبذة عمن نصبته رئيساً للشباب، وهو إبراهيم مكي، فإنه لم يكن رياضياً لاعباً أو إدارياً، بل كان مشجعاً لفريق الموظفين، والتحق بالشباب فيما بعد ومعه عدد آخر، ولما لم نجد مكاناً للاجتماعات، وبما أن المذكور يعمل في كراج سيارات إحدى الأميرات، وموقعه في حلة العبيد التي سميت فيما بعد بحلة الأحرار، طلبنا منه أن تكون اجتماعاتنا في ذلك المكان؛ نظراً إلى أن الأُسَر في مدينة الرياض لا تُحبِّذ التجمع في منازلها؛ فوافق على طلبنا، وبدأنا اجتماعاتنا حتى سُمّي الفريق بالشباب، وليس لهذا الشخص دورٌ في الترشيح أو مناقشة الأمور الخاصة بالنادي، بل كان مضيفاً لنا للسبب الذي ذكرته، مع العلم أن المذكور لم يحضر اجتماعاتنا، ولا يعلم ما دار فيها، ويتضح هذا منذ بداية التأسيس والأسماء المرشحة للرئاسة وغيرها من البدايات. والله المستعان.
عبدالرحمن بن سعيد