يعد تعليم الكبار والتعليم المستمر من العلوم الإنسانية الاجتماعية والتربوية الأساسية في جميع المجتمعات، وقد أولت الدول المتقدمة هذا العلم الاهتمام الكافي والنظرة العلمية الكاملة المرتبطة بالمجتمع والعلم والاقتصاد والتدريب والموارد البشرية وعالم العمل والمال وإصلاح التعليم. ولذلك فإن المؤسسة الأوروبية للتدريب تساعد الدول التي لم تحقق هذه الأمور لتحقيقها والوصول إلى مستوى متقدم في مجال تعليم الكبار.
حيث يذكر تقرير الوكالة التابعة للاتحاد الأوروبي التي تدعم التعليم والتدريب في الدول المحيطة بالاتحاد الأوروبي أن الانتقال إلى نظام اقتصاد السوق المفتوح له تأثير كبير على المؤسسات التجارية، حيث يجب عليها أن تتأقلم على نظام السوق الحر وتكون بذلك تحت ضغط لتطوير مهارات القوى العاملة لديها لتحسين قدرتها على المنافسة. وقد ازداد عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تصارع من أجل البقاء في ظل ظروف السوق الصعبة. وقد أدى اتساع نطاق عملية الخصخصة وإغلاق الصناعات الموجهة من قبل الدولة ومواجهة مشكلة العمالة الزائدة إلى انتشار الفقر والبطالة الهيكلية طويلة المدى والتهميش الاجتماعي لأعداد هائلة من الناس.
فالجدير بالذكر أن الهوة الاجتماعية والاقتصادية قد اتسعت بين من يملك المهارات التي يحتاجها السوق المفتوح وبين من لا يملك إلا مهارات بسيطة أو مهارات لا تتماشى مع التطورات الاقتصادية. معظم الدول الشريكة استهانت بأهمية تعليم الكبار كجزء من مبدأ التعلم مدى الحياة في إطار عمليات إصلاح التعليم، ومن ثم فإن الدعم الذي تقدمه المؤسسة الأوروبية للتعليم والتدريب المهني يهدف إلى المساهمة في المناقشات بين واضعي السياسات والخبراء والعاملين في مجال تعليم الكبار حول العناصر التي يجب توافرها لوضع سياسات ملائمة لتعليم الكبار. فنحن نساعد هذه الدول على فهم وتحديد درجة ونطاق التحديات التي تواجههم فيما يتعلق بالمهارات، كذلك نعاونهم على توضيح المسائل الرئاسية وتوزيع الأدوار والمسؤوليات وكل ما يتعلق بأمور التمويل. علاوة على ذلك تقدم المؤسسة المساعدة على إغلاق الفجوات التشريعية وتغطية الحاجة إلى السياسات والبنية التحتية لتعليم الكبار، كما تلعب المؤسسة دوراً في إحداث تغيير ثقافي خاصة فيما يخص نظرة بعض الشعوب للتعليم وموقفهم من أهميته. ومن ثم فإن المساعدة التي نقدمها تهدف إلى تكوين شراكة على المستويين الوطني والمحلي والقيام بتحليلات عميقة ووضع وتنفيذ استراتيجيات ملائمة لتعليم الكبار أو على الأقل توفير العناصر اللازمة لتنفيذ تلك الاستراتيجيات. ويتلخص الهدف العام لهذه المساعي في وضع سياسات أكثر شمولاً وتوفير إطار العمل القانوني لتطوير عناصر جديدة في نظام تعليم الكبار من شأنها أن تساهم تدريجياً في زيادة نسبة المشاركين في برامج تعليم الكبار وارتفاع جودة التعليم. التقرير السابق يقدم جزءاً من ممارسات ومجالات وموضوعات تعليم الكبار بنظرة شمولية حديثة تتفق مع معطيات العصر الذي نعيش فيه وحاجة المجتمعات إلى تعليم الكبار والتعلم المستمر مدى الحياة، وعلى الله الاتكال.