لم يكن وقع الفجيعة والمصيبة برحيل الأخ والصديق خالد بن محمد بن صالح بن سلطان رحمه الله على أهله وأصدقائه وأقاربه فقط بل إن الفجيعة والحزن عم وشمل ووصل إلى كل من عرف هذا الرجل الطيب أو قابله لو لمرة واحدة.. فالمرحوم عرف عنه كل الخصال الحميدة والمواقف المجيدة ولأفعاله الحسنة التي تجذبك نحوه وتشدك إليه وتجعلك تفخر بمعرفته وصحبته فهو يقابل الصغير والكبير والغني والفقير بنفس الروح الطيبة ونفس البشاشة المبهجة والابتسامة المتفائلة والترحيب الكبير والنكتة الظريفة المقبولة.. لدرجة أن من يقابله لأول مرة يعتقد أنه يعرفه منذ زمن طويل وأنه تربطه به علاقة كبيرة ومميزة ولا ينساه إطلاقا..كل هذا بسبب بساطته وتواضعه الجم ودماثة خلقه وروحه الطيبة المرحة..
ولا غرابة أن يحتل كل تلك المكانة في القلوب ويترك رحيله أثرا مفجعا في النفوس فهو سليل عائلة عريقة ومجيدة وأصيلة والابن صنو أبيه المرحوم الشيخ والمربي الفاضل محمد بن صالح بن سلطان رجل الخير والبر والمعروف وباني بيوت الله ومكرم حفظة كتابه الكريم وصاحب الصيت الذائع والسمعة والحسنة وأحد الرجال الذين سخروا حياتهم لخدمة دينهم ومليكهم ووطنهم بكل محبة وإخلاص وذلك من خلال تبوء العديد من المناصب في الدولة.
والحديث عن سيرة المرحوم أبو فيصل الحميدة وذكراه الطيبة لا يتوقف عند حد معين فمآثره كثيرة وأعماله جليلة ولديه نخوة الرجال وفزعة النشامى الأبطال مع الجميع فهو يقضي حاجة المحتاج ويفرج كربة المكروب وهم المهموم بدون منة بل بروح طيبة ونفس كريمة وبكل استحياء وكأنه ليس صاحب المعروف أو راعي الجميل.. وحتى وهو يرحل عن دنيانا الفانية كان رحيله يختلف عن كل رحيل ويتماشى مع سيرته في الحياة وطيبته في العمل والتعامل..رحل بهدوء دون أن يزعج أو يوجع أحدا ممن حوله بأنين المرض وصرخات سكرات الموت.. ولذا لم يصطحب معه على غير عادته في سفره الأخير رفيق أو صديق وكأنه يحس مسبقا أنه على موعد مع القدر وموعد مع الرحيل وموعد مع الوداع الأخير فرحل بهدوء تاركا في الأنفس لوعة وحرقة وموجعا أناسا كانت تتمتع برباطة جاش وموقف صامد وقلب جامد عند الشدائد وملمات الحياة ومصائبها ولكن المصيبة كانت أكبر من الصمود والتجمل والتحمل.
نسأل الله عزَّ جلاله وشأنه أن يشمله برحمته ومغفرته كما نسأله وهو الجواد الكريم أن يلطف بنا في مصابنا ويخفف من آلامنا وأحزاننا في فقدان أعز الأصدقاء وأغلى الأصحاب.. وأن يلهمنا وأهله وأقاربه وأصدقائه الصبر والسلوان.. ويجمعنا به في دار النعيم والقرار.. والحمد لله في كل الأحوال على فضائه وقدره.. نافذاً فينا أمره وماض فيناً حكمه.. له ما اخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار.. ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم..(وإنا لله وإنا إليه راجعون).