بعد محاولة إرهابية فاشلة استهدفت سيارة السفير البريطاني في اليمن قبل أشهر، وبعد التفجيرات التي طالت ملعب الوحدة بعدن، وموت ثلاثة أشخاص وإصابة آخرين، وبعد أن زفّت القنوات الفضائية خبر محاصرة المقاتلات الأمريكية لطائرة إماراتية كشفت وكالة المخابرات المركزية بأنّ في داخلها طرديْ متفجرات مرسلة من اليمن، وبعد أن أوقفت بريطانيا جميع الرحلات القادمة مباشرة من اليمن، وبعد التصريح المباشر والاعتراف بتوغُّل عناصر القاعدة وانتشارها في اليمن، وبعد كلِّ حالات الانكشاف الأمني المعلنة وغير المعلنة، هل علينا أن نتجاهل ذلك، ونغمض أعيننا؟ بل نجامل ونكابر ونقول بأننا لن نرضخ للتهديدات والضغوطات التي تمارسها عناصر القاعدة في اليمن، فنذهب بأرجلنا إلى حتفنا كي نشارك في بطولة كأس الخليج لكرة القدم في نسختها العشرين؟!
أعتقد بأنّ علينا أن نتصرّف سريعًا، برغم كلّ الموافقات المبدئية التي منحتها اتحادات كرة القدم في الدول الخليجية لاتحاد الكرة اليمني، بتنظيم البطولة في اليمن، فمن حالة التجهيز البطيء للملاعب هناك، إلى حالة الفوضى الأمنية التي تعيشها مناطق في اليمن، إلى قلق بعض الدول الخليجية وتردّدها في الاعتذار عن المشاركة، إلى تصريحات بمشاركة بعض الدول بمنتخباتها الأولمبية، وكأنما هؤلاء اللاعبين ليسوا بشرًا يستحقون حمايتنا، كلُّ هذه الأسباب تقول بأنّ على اتحادات كرة القدم في الدول الخليجية التحرّك لإيقاف الكارثة المحتملة، فالأمر بأكمله لا يستحق المجازفة، لأنّ حياة البشر ليست لعبة نغامر فيها، بل حتى لو لم يأت القرار من اتحاد كرة قدم، يجب أن يأتي من السلطات العليا للدول الخليجية، وحتى لو لم تنقل البطولة إلى دولة أخرى، وتقرر إلغاؤها هذا العام، فالأمر سيان!
يا جماعة، هي بطولة بسيطة ومتواضعة، أنشئت لتطوير لعبة كرة القدم في المنطقة، وإيجاد تقارب شعبي على مستوى بلدان الخليج، فلا هي بطولة تتطوّر من عام لآخر، ولا هي بطولة معترف بها من قِبل الاتحاد الآسيوي، فما الذي يجبرنا على أن نضحّي بلاعبينا وطاقمنا الفني والإداري؟!
أعتقد، ومن وجهة نظر شخصية بحتة، أنّ إقامة هذه البطولة وتنظيمها في اليمن هذا العام هو تهوّر وعدم تقدير للأمور، خاصة أنّ كل المؤشرات تؤكد أنّ الجانب الأمني ليس منضبطًا، فلو لم يأت الاعتذار عن تنظيم البطولة من الاتحاد اليمني للكرة، يجب أن تتبنّى دول الخليج قرارًا جماعيًا مشتركًا، وهو عدم المشاركة في هذه البطولة، لا أن تشارك بفرقها الأولمبية، فلا فرق بين أن تضحّي بفريق أول أو أولمبي، ولا فرق في أن تضحّي بفريق كامل أو حتى مشجع واحد فحسب، لأنّ قيمة الإنسان وحمايته والمحافظة عليه هي الأمر الأهم الذي يجب أن نأخذه في الاعتبار.
لذا من الطبيعي أن تتخوّف جماهير الخليج من السفر إلى اليمن لحضور البطولة، ومن الطبيعي أن يرفض مدرب البحرين السفر إلى اليمن خوفًا على حياته، ومن الطبيعي أن يطالب رئيس الاتحاد البحريني بنقل البطولة من اليمن، لكن من غير الطبيعي إصرار اليمن وتأكيد جاهزيته في استضافة البطولة!
أخيرًا لا أقول إلاّ: اللهم احفظنا، واحفظ لاعبينا وكافة طواقم الفرق، والجمهور الذي قد يغامر بالسفر كي يشجع ويستمتع!