كانت محاضرة قيمة، فصلت بين الموضوعي في القضاء وبين الإجرائي وفصَّلت فيه، وكشفت عن ملابسات وقع فيها الكثير، حين أعلن عن تطوير هيكلة وزارة العدل، وتحديث الإجراءات فيها، المحاضرة ألقاها ارتجالا مدهشا، معالي وزير العدل الدكتور محمد العيسى، في أجواء ثقافية أكاديمية، كثيفة الحضور، بقاعة المحاضرات في دار الحديث، التابع للجامعة الإسلامية، في مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مساء الاثنين الماضي..، فالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، قفزت في تطورها النوعي، والضمني؛ ما جعلها محور بوتقة عمل وجهود، من مديرها الأستاذ الدكتور محمد العقلا، فهو محرك للنشاط الأكاديمي الثقافي، وقد ربط بين الجامعة، ومرافق المجتمع، بمؤسساته الكبرى التي تضمنت الداخلية، وموضوعاتها الأمنية الحساسة، والمالية ومجرياتها الإنفاقية المختلفة، والصحية وما تواكب من منجزاتها العلاجية، ونحوها من قضايا التربية، والأوقاف، والجودة، والإعلام، وجعل مدارات النقاش والتحاور على مستوى الواقع واستشرافاته، ما أكد أن الجامعة ممثلة في هذه الجامعة، محطة انطلاق، وهالة نور، في مسيرة تفعيل العلاقة بين الجامعة والمجتمع..، وأخيراً وصلها بموضوع القضاء، وعلى ما في الموضوع من شفافية وحساسية، إلا أن ما جاءت به محاضرة معالي الدكتور العيسى فيه ما قد وضع النقاط على الحروف، وكشف الغموض الذي اعتور، بين من يفسر التطوير بالتغيير، وبين ما يعنيه التطوير من عدم المساس بالموضوعي من ثوابت الأحكام وتطبيقاتها، وما يمكن فيه المساس بما في الإجراءات من أساليب قابلة للتطوير، ليعين على أن يأخذ كل جانب في المجتمع دوره، ويبادر باختصاصه بتناول أزمة المسؤولية، دون الخروج عن ثوابت الكتاب والسنة.
إن التطوير الذي لا يعني التغيير، إنما هو تغيير فيما لا يمس الأصول ولا الثوابت، في مفهوم محصورٍ للثوابت في كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وما شرع فيهما من أحكام غير قابلة لتصرف البشر.
عن نفسي استفدت كثيرا مما قدمه الدكتور العيسى في جانب الإيضاح حول التطوير، والتحديث في مرافق الوزارة، ومدى ما سيأخذه أمر الجدية في قيام مرافق الوزارة بمواكبة التوسع في تذليل قضايا الأفراد والمؤسسات وما تحتاج إليه من آليات سرعة، وبت في حلولها. ولقد اقترحتُ على الدكتور العقلا أن تُذاع المحاضرة في القناة الثقافية، للإجابة عن أي استفسار من جميع من له اهتمام بعمل وأداء الوزارة، وهم فيما أعتقد كل الناس.
يبقى الوعد الذي قطعه معالي الوزير، بالنظر في تجاوز أي قصور، فيما يتعلق بالشؤون كلها ذات العلاقة بالناس، وقضاياهم محور تفاؤل وترقب.. وتبقى أجندة الأسئلة الكثيرة للإجابات عنها، محض هذا التفاؤل والترقب. أتوقع وأتوخى أن تبذل لها همم معالي الوزير، وكل مخلص معه. وللجامعة الإسلامية ومعالي مديرها دعاء عريض، ليأخذ الله بيده، وليسدد خطاه، وليحقق له ما يصبو إليه في هذه الجامعة، محور العلم الشرعي، ومكمن الحلقة الرابطة فقرات المجتمع.
والدعاء موصول لوزارة العدل ومن يتسنم مسؤوليتها وأمانة دورها.