كيف نقرأ أخبارنا؟ هل نتعايش مع تناقضاتنا طالما ظلت تحت بند المسكوت عنه؟ أم نراها ونعترف بها فقط حين يسجلها ضدنا جهاز يقيمنا من خارج أنفسنا؟
مع انفتاح الإعلام وتكاثر الوسائل الإعلامية ومصادر الأخبار والتعليقات لا يمكن إلا ملاحظة التفاوت في توجهات الناشرين من الخبر ومواقف المعلقين عليه: بعضنا لا يرغب إلا في ذكر الإنجازات في إطار إيجابي بهيج ويزيد جرعة الشكر والتقدير أيضا بما يكمل الأثر المطلوب من استعراضها؛ وبالعكس: بعضنا الآخر يلبس نظارة حالكة السلبية ويهمه بالدرجة الأولى انتقاء حالات التقصير والفضائح، متماديا أحيانا إلى شرح وتهويل التفاصيل بما يناسب الأثر المرغوب فيه من ذكرها.
وبعد قراءة الخبر أو التحقيق تكتمل صورة انفصام المجتمع في التعليقات عليه: بعضنا يفرط في الابتهاج والمدح، وغيرهم في النقد والذم والقدح، وفئة ثالثة تتمادى إلى سوقية الردح، ورابعة تشكك في الواضح المعلن سواء جاء إيجابيا أو سلبيا، وتبحث عن الحقيقة في النيات المفترضة مسبقا وليس في الأفعال الموثقة.
أضف إلى ما سبق التحريف في الخبر وتفسيراته تبعا للعلاقة المسبقة بمصدر الخبر والتقييم لآثاره والتكهن بدوافعه والتخويف منه أو التصفيق له, مما ينتهي بالانحراف في زاوية انفعال المتلقي الذي يقرأ ما نشر على علاته ويتفاعل معه ببراءة ودون تأهيل لنزع القشور المضافة عن لب الخبر.
أعلنا مبتهجين وبمنتهى الشعور بالإنجاز عن نجاح مهمة البحث في الخارج عن أبناء المواطنين غير المعترف بهم من آبائهم بعد علاقة سياحية مؤقتة مع إناث رضين بالصفقة الضيزى أو أجبرن عليها.. وسعدنا بإجبار من أنجب منهم على الاعتراف بأبنائهم وتبنى رعايتهم. طبعا الأطفال لا ذنب لهم ونتعاطف معهم فهم يحملون دماء قبيلتنا..!!
ولكننا في ذات الوقت ننسى آلاف أولاد المطلقات داخل الوطن ممن «طلقهم» آباؤهم حين طلقوا الأمهات وتخلوا عن أي مسؤولية شرعية تجاههم متجاهلين أحكام المحكمة الشرعية؟ ونتناسى آلاف من يطالهم أولياء أمورهم بالتعسف حد التعذيب المرضي أو التحرش الجنسي؟.
و أتابع التعليقات الآن على خبر مقترح يبحث رسميا منح أبناء المواطنات المتزوجات من أجانب حق المواطنة حتى سن الثامنة عشرة، ثم حق اختيار جنسية الأب أو الأم.. فأجد تهكما ورفضا من البعض خاصة الذكور- مع العلم أن حقوق أبناء المواطنة من أجنبي مشكلة متأزمة في كل البلاد العربية - حيث لا أوراق ثبوتية لهم ولا حق في الدراسة أو العلاج. وكأن للرجل حق الإراحة وللمرأة تحمل تبعات الإنجاب سواء كانت مواطنة أو أجنبية.
السؤال: كيف نتعايش مع تناقضات أولوياتنا؟ هل أبناؤنا فقط من تشير إليهم الأخبار؟ ويقيمنا على محبتهم مصدر خارجي؟