مخطئ من يعتقد أن عقدة (الخواجة) أو الخبير الأجنبي قد انتهت من مجتمعنا على الرغم مما وصلنا له من تقدم وتطور في مختلف المجالات، فللأسف الشديد، تلك العقدة ما زالت (معشعشة) في رؤوس بعض كبار المسؤولين في القطاعين الخاص والعام، ويظهر ذلك جليا من خلال اعتمادهم على خبراء أجانب في تسيير دفة العمل وتجاهل تام للكفاءات الاستشارية الوطنية والتقليل من شأنها. حتى أن بعض المسؤولين يرى أن عدم وجود (خبير أجنبي) في منشأته يعد قصورا يعوقه من اتخاذ القرارات. وكنا نتوقع أن تزول تلك العقدة مع الوقت ولكن الواقع يؤكد أنها في تزايد مستمر في وقتنا الحاضر ولا توجد أي بوادر لزوالها.
قبل أيام التقيت بأحد الزملاء القدامى الذين يعملون لحسابهم الخاص، فهو مالك ومدير لوكالة متخصصة للدعاية والإعلان، وهو مؤهل، يحمل شهادات متخصصة في مجال عمله ولديه خبرة طويلة في صناعة الدعاية والإعلان، ومن خلال النقاش الذي دار بيننا، سألته عن عمله ونشاطه التجاري، وقالك للأسف نعاني كثيرا من الحصول على أعمال لأننا وكالة محلية لا يوجد معها (شريك أجنبي)، وأضاف: إن معظم العقود والأعمال تذهب للوكالات الأجنبية أو الوكالات المحلية التي معها شريك أجنبي، ونحن لا نستطيع مجابهة المنافسة الشرسة من الوكالات الأجنبية.
فاجأني صاحبي في كلامه إذ لم يكن في تصوري أن هذا واقع حقيقي، وكنت أرى أن حجم سوق صناعة الإعلان كبير جدا ومن ثم فهو يستوعب الوطني والأجنبي، ولكن الواقع غير ذلك فنحن للأسف الشديد ندفع ثمن عقدة الخواجة وثمن من (يضحك) علينا من شركات ووكالات ومكاتب استشارية تدعي أن لديها الخبرة والمعرفة بينما الحقيقة أنها تحمل اسما أجنبيا فحسب، في حين العاملين بها إما من جنسيات عربية أو آسيوية، مؤهلاتهم وقدراتهم تقل بكثير عما يتوفر لدى أبناء الوطن، والفرق أنهم مسوقون ناجحون ويستعرضون أعمالهم من خلال عروض مرئية تقدم باللغة الإنجليزية وهي في الغالب (قص ولزق) وتستخدم لأكثر من منشأة وتحضى بقبول من المسؤولين بغض النظر عن محتواها وليس هناك من سبب إلا أنها من شركة أجنبية.
التفت لصاحبي وقلت له ممازحا، لماذا لا تستفيد من ملامحك الأجنبية بارتداء البدلة وتغيير اللهجة، فقد تنجح في الفوز بمشروع ولو كان صغيرا.
JAZPING: 7410