الأقمار الصناعية العسكرية والتجسسية تجوب الفضاء تصور وترسل صورها إلى قواعد أرضية تحلل وترصد أي تغيير على الأرض أو في باطن الأرض خاصة في مناطق التوتر.
الأساطيل البحرية العسكرية تجوب وتعسكر في البحار والمحيطات ترصد كل ما يدخل أو يخرج من أي ميناء بحري.
والجواسيس على الأرض يساندون بمعلوماتهم وصورهم كافة وسائل الرصد الجوية والبحرية، كما أن كافة الاتصالات الهاتفية وعبر الشبكة العنكبوتية يتم رصدها بما في ذلك المشفر منها.
لا يوجد مطارات في العالم تحت سيطرة القاعدة أو طالبان يمكن القول بأن السلاح يصل إليها من خلالها.
القصف الجوي بالطائرات بطيارين أو بدون طيار يدمر كل مشبوه يتحرك على الأرض ولنا في قصف قافلة في السودان شاهد على ذلك.
إذاً كيف يصل السلاح إلى أفغانستان، فيستعمل في مسلسل تفجيرات دبابات وطائرات وأفراد قوات الناتو هناك!
إذا سلمنا أن تجارة المخدرات التي تديرها طالبان أفغانستان وباكستان توفر المال لاستيراد السلاح، وأن مافيا السلاح لا تعدم وسيلة لإيصالها إلى أفغانستان، فأين هذه المافيا من وسائل الرصد البري والبحري والجوي لحلف الناتو.
لا يقل أحد بأن طالبان بلغت حداً من التقدم العلمي والتكنولوجي تستطيع من خلاله تصنيع السلاح وأراضيها ترصد وتقصف كل يوم حتى طال القصف احتفالات زواج المدنيين في دولة باكستان التي تستمر قوات الناتو في اختراق أجوائها رغم الاحتجاجات الباكستانية.
هناك شيء غريب يجري، لاشك أن دول حلف الناتو تعرفه، فاستمرار مقاومة طالبان لمدة عشر سنوات لقوات حلف الناتو وحلفائها يبدو مستغرباً في ظل هذا الحصار الجوي والبحري والأرضي ليس لأرض أفغانستان، وإنما لكل الدول المسماة بالمارقة.
لما تقدم، فإنه يحق للمراقب أن يتساءل، هل إيران المختلفة مذهبياً مع طالبان قد تقاطعت مصالحها مع مصالح طالبان في تعميق جراح أمريكا ومعها حلف الناتو، لكي تحجم أمريكا عن مجرد التفكير في تكرار تجربتها الأفغانية في إيران؟
هل هي عناصر نافذة في باكستان متعاطفة مع طالبان توصل السلاح إليها؟، حيث لإيران وباكستان حدوداً بمئات الكيلومترات مع أفغانستان.
هل هي الصين التي تعتبر وسط آسيا حديقتها الخلفية، وقد اكتشفت في تركمانستان ما يقال إنه أكبر حقل غاز في العالم؟
أم هو حلف الناتو نفسه وعن طريق أطراف ثالثة كما يزعم بعض الخبثاء، هو من يسلح طالبان لتبرير استمرار احتلاله لأفغانستان؟
أم هي روسيا التي ذاقت طعم الهزيمة في أفغانستان خلال الحكم السوفيتي بيد القاعدة الوليدة آنذاك وبدعم من حلف الناتو، ترد الصاع صاعين لحلف الناتو وتنتقم لقتلاها وجرحاها من الروس، وتحاول إبعاد حلف الناتو عن حدودها الجنوبية؟
المفارقة أن كل هذه السيناريوهات لها نصيب من التصديق، لكن تصديق أي منها يحتاج إلى قرينة أو دليل، ولا شك عندي أن أجهزة مخابرات حلف الناتو المكون من 42 دولة تملك الكثير من الأدلة والقرائن إلا أن الإفصاح عنها يضر بمصالحها ويهدد أمنها القومي وعلاقاتها الدولية التي تحاول الإبقاء على توازنها.
أما أنا فأترك للقارىء العزيز ترجيح أي منها أو إضافة سيناريوهات جديدة، مع استرعاء انتباهه إلى حقيقة أن عشر سنوات من القتال لم ينتصر فيها أي من الطرفين وكأن كافة السيناريوهات متفقة على (أن لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم).