قد ينسينا الأمل الأجل.. حتى ليعيش الواحد منّا وكأن الموت للآخرين يتخطفهم، أما هو فسيعمر سنين لكن هيهات أن تستمر الصحة والشباب، إذ الشيخوخة تعترضنا النهاية الطبيعية لدورة حياة الإنسان الهرم أو الكبر يحتاج منّا إلى وقفة تأمل واعتبار فلننظر لمن حولنا من كبار السن وكيف تحقق قول الله فيهم {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ} يس68، وآية أخرى {وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شيئًا أن اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } النحل70 ، ماذا أعددنا قبل هذه النكسة؟! وعظ الرسول صلى الله عليه وسلم رجلاً فقال (اغتنم خمسّا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك...) الحديث لماذا لا نتعظ نحن أيضًا ونغتنم الشباب والقوة قبل الهرم والضعف فسيأتي زمن نتحسر فيه، إذ كيف لا يمكننا القيام بالعبادات فلا حج ولا صوم وحتى الصلاة خارت القوة عن أدائها فكيف بالنوافل وباقي الطاعات ومنّا من ستضمر ذاكرته يومًا لكي لا يعلم من بعد علم شيئًا فمثلما انتهى ميدان {وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شيئًا أن اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ }النحل70، انتهت الذاكرة أيضًا وشاخت وليس بمقدورها أن تردد حتى ما حفظناه وتعلمناه إلا نعتبر ونحن نجالس الكبار وتكون رؤيتهم حافزًا لنا تدفعنا لنجتهد ونقوم بتلك العبادات بأكمل وجه ونستنزف طاقتنا في مرضاة الله، صحيح ألا ننسى نصيبنا من الدنيا لكن لا نركن إليها بالكلية فتسلب أعمارنا وقواتنا أو نغرق بملهياتها ونخرج منها بضعف وخسارة. وهناك لفتة أخرى، إذ كيف يتكبر الإنسان ويحاد الله ورسوله ويسعى في الأرض فسادًا وهو يعلم أن أمهله الموت فالشيخوخة لن تفلته تنكسه في الخلق وتسلّمه إلى الفناء {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فان وَيَبْقَى وجّه رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ }.
* بريدة