بمناسبة وبغير مناسبة، تذكر إجازة المعلم ودوامه، وأن مدارس السعودية مقفلة عن الطلاب 190 يوما خلال 365 يوما، بخلاف مدد الدراسة في العالم من حولنا، وأحدهم استشهد بالطلاب الصينيين وبتلقيهم العلم لمدة 250 يوما خلال 365 يوما.
في يوم 1/1 /1431هـ كانت المدارس السعودية مفتوحة، وتستمر إلى ما بعد 29/12/1431هـ إن شاء الله، والسؤال: كم عدد الأيام المرصودة أثناء هذه الفترة «العام المالي افتراضا»؟
الأيام الفعلية للعمل بحسب جداول وزارة التربية 175 يوما، وبعض السنوات تزيد عن 185 يوما، بما فيها الاختبارات الفصلية، عدا العطل الأسبوعية، ولعل الإشارة لأيام العمل «الفعلية» شكّلت قناعة متماسكة بأن المعلمين لا يعملون كثيرا، وأن الطلاب لا يرتبطون بمدارسهم سوى الأيام المذكورة، ويصعب على من يعرف لغة الأرقام والتربية وظروف السعودية إقناع الكثيرين بالحقائق، لما حفرته هذه المعلومات بأذهانهم.
للموظف خلال العام الواحد إجازة اعتيادية، ويحصل عليها متفرقة، فلو تمتع بها قبل رمضان مع عطلة عيد الفطر فستكون عطلته كعطلة المعلم، 53 يوما، أما لو تمتع ببعضها، عطلة متصلة بعطلة عيد الفطر وعطلات مفرقة كل أسبوع مستقلا، فسيحصل على 64 يوما، 53 لرمضان والعيد، والباقي مفرقا، كل تسعة أيام متصلة وإذا فرق العطل لكل أسبوع، فسيحصل على أكثر من 85 يوما، إذا أضفنا إجازة العيدين، وهي أكثر من العطل المخصصة للمعلم بما فيها الخميس والجمعة.
وإذا كان المعلم مرتبطا بمدرسته لأيام تصل لأكثر من 270 يوما خلال العام المالي الواحد، وإذا كان لا يستطيع التمتع بإجازة أسبوع من كل شهر كما يفعل الموظف، وإذا قيل بأن المعلم لا يداوم فعليا سوى 175 يوما بما فيها الاختبارات، وإذا كانت إجازة المعلم محصورة ومملة، ومفروضة بوقت، وفي شدة الحر ووقت الصيام وغلاء الخدمات السياحية وما يتبعها، فإن الموظف لا يداوم فعليا سوى 212 يوما تقريبا، إذا تمتع الموظف بإجازته الاعتيادية دفعة واحدة، أما إذا فرق الموظف إجازته كما لا يحصل للمعلم، فإن عمله الفعلي لا يتعدى 190 يوما.
من يثيرون لغة أرقام الدوام والعطل، ويركزون على المعلمين يشغلون معشر التربية بمثل هذه الحسابات، إلا أنهم نسوا إمكانية حساب مدة عمل الموظف الحكومي بنفس الطريقة، وسبب ذلك قياسهم على ما لا يمكن القياس عليه، كدوام طلاب الصين مثلا.
أكتب بهذا الأسلوب، لأن بعضهم لا يدرك أبعاد ما تظهره معلومات جداول التقويم الدراسي، إلا إنه جر دوام بقية الموظفين الحكوميين، وإذا أراد أن نتفق معه، فعليه المطالبة بدوام الجميع لمدة لا تقل عن 250 يوما كما في الصين.
المعلم السعودي لا يتحرك سفرا أثناء العام الدراسي، لأي مكان إلا في حدود عطلة الأسبوع كغيره من الطلاب، والأيام التي يرتبط بها المعلم لمدرسته بما فيها عطل الأسبوع، أكثر من 270 يوما، أما الطلاب فيرتبطون بالمدرسة لأيام تصل لأكثر من 251 يوما، بما فيها الخميس والجمعة، أما الموظف فيستطيع أن يرتبط بعمله بمدة مماثلة، بل ويستطيع أن يرتبط من أجل عمله بمدة أقل بكثير من المدة التي يرتبط بها المعلم لمدرسته، وإذا حذفنا أيام الخميس والجمعة، فإن الموظف أفضل حالا وبمراحل، وبالذات خلال بضع سنوات، وإذا خالف فترات إجازاته فعمله أقل من المعلم كما أسلفت، وعلى من يقارن بيننا وبين الصين أن يقارن بين إجازة المعلم والموظف الحكومي في السعودية.
لا توجد عطلات طويلة للأعياد في الصين، وعطلة طلابهم 115 يوما، وتعتبر طويلة جدا، إن كانت متصلة، بخلاف إجازات السعودية «المتفرقة»، إلا أنهم يشغلونها وبكل تأكيد عن طريق مؤسسات مختلفة، وتلك لا تتوفر لجميع طلابنا، وهنا فارق القياس، فعلى من نلقي اللوم، على الظروف المحيطة بالتعليم، أم على من يواجهون المعلمين جهلاً أم إثارة أم غلاً؟