|
الجزيرة - عبدالرحمن السريع
مهما بلغ المجرم من ذكاء وفطنة وحسن تخطيط وتنفيذ فلا بد من أثر وخيط يقود إليه ويكشف جريمته، حيث خطط ستة من اللصوص المتمرسين لتنفيذ فعلتهم معتمدين على ذكائهم، ظناً منهم أنه سيقودهم إلى الغنى بعد أن غرهم الشيطان وزين لهم سوء عملهم وأوهمهم بأنهم سيفلتون من العقاب، لكن خاب مسعاهم، ولم ينالوا سوى الخسران المبين عندما تبرأ الشيطان منهم بعد أن وسوس لهم وأوقعهم في حبائل الجريمة.
تلك قصة تعود بداياتها إلى تلقي مركز شرطة المربع كتاباً من إحدى شركات نقل الأموال وتغذية آلات الصرف الآلي التابعة للبنوك، ويتضمن الكتاب اكتشاف عجز مالي يزيد عن ثلاثة ملايين وستمائة ألف ريال، مساعد الناطق الإعلامي لشرطة منطقة الرياض الرائد فواز الميمان أوضح أن جهة التحقيق قامت باتخاذ كافة الإجراءات والتدابير ووقفت رفق الخبراء المختصين على مسرح الجريمة، وثبت لها تقنياً أن أجهزة الصراف لم تتعرض إلى أي عمليات فتح قسرية، إنما فتحت بأرقامها السرية مما يؤكد علاقة فريق التغذية بتلك الجريمة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن خلال هذا الخيط انطلقت التحقيقات وأعمال البحث والتحري والإجراءات التقنية، رغم استبعاد الموظفين القائمين بعملية التغذية من الاشتباه وثبوت براءتهما مما صعب إجراءات البحث، ولم يستبعد استغلالهما من قبل الجناة الأصليين، فتم توسيع نطاق دائرة البحث والتحري حتى بدأت خيوط القضية تتكشف عندما تركزت الشبهات في بعض الأشخاص فتم القبض على أحدهم وإخضاعه لتحقيق دقيق وموسع، واعترف بقيامه باستدراج فريق التغذية للحصول على أرقامهما السرية الخاصة بفتح خزنة ماكينة الصرافة، ثم اتفق مع أحد زملائه وأربعة أشخاص آخرين على سرقة المبالغ المالية التي كانت في جهازي الصرف، ثم قام بعدة محاولات أدت إلى فتح الخزنتين وسرقة ما بهما من نقود بعد رش كاميرا المراقبة بالطلاء، فتم القبض على زميله الذي أكد صحة ما أورده بعد محاصرته بالأسئلة والأدلة، ومواجهتهما ببعضهما البعض، وأقر بأنه قام بقيادة سيارة الشركة الرسمية وحصل من العقل المدبر لهذه الجريمة على مبلغ مائتي ألف ريال اشترى بجزء منه سيارة واحتفظ بالباقي، وبينت التحقيقات أن أحد المتهمين يقيم بمحافظة الأحساء وأنه سبق فصله من العمل لخيانته للأمانة، وقد كلف مدير شرطة منطقة الرياض فريق عمل من إدارة التحريات والبحث الجنائي وبإشراف مباشر من مدير الإدارة بالشخوص إلى مقر سكنه في محافظة الأحساء بعد التنسيق مع شرطة المنطقة الشرقية، حيث أسفرت الجهود والتعاون البناء والمثمر والمشكور إلى القبض عليه وزميل له في محافظة الخبر.
كما استمرت عمليات التعاون مع شرطة منطقة نجران في سبيل القبض على المتهم الأخير هناك وجلبه للتحقيق.
وبذلك أسدلت شرطة منطقة الرياض الستار معلنة انتهاء فصول هذه الجريمة وتقديم مرتكبيها للعدالة لينالوا جزاء ما اقترفت أيديهم، وليعلم كل من تسول له نفسه التفكير بسلوك مسلكهم أنه مهما بلغ من حسن تخطيط وما يملك من ذكاء وفطنة فإن هذا لن يخلصه من العقوبة، ولن يكون بمنأى عن أعين رجال الأمن الساهرة، وسيكون مآله في غياهب السجون.
وقد أكد الرائد الميمان أن هذه النتائج لم تكن تتأتى لو لم يكن هناك تنسيق وتعاون بين الجهات الأمنية بدءاً بمركز شرطة المربع الذي تفاعل مع البلاغ وسخر كل إمكانياته باتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الكفيلة بالوصول إلى الكشف عن غموض هذه الجريمة والإيقاع بمرتكبيها وإعادة الحق إلى أهله، ومروراً بإدارة التحريات والبحث الجنائي بشرطة منطقة الرياض، وانتهاء بشرطتي المنطقة الشرقية ونجران.