|
الجزيرة - نواف المتعب
دعا خبراء ماليون إلى ضرورة إعطاء الفرص للكوادر البشرية المحلية، في احتلال مناصب قيادية بقطاع الخدمات المالية، والتي تتناسب مع الإمكانيات التي تتميز بها هذه الكوادر، مشيرين إلى ضرورة أن تعمل الأجهزة المعنية على خلق هذه الفرص، من خلال تعديل أو إضافة قوانين جديدة، في ظل الأهمية الكبيرة التي يحظى بها مجال الخدمات المالية، مع بروز أنشطة القطاع الخاص والاحتياجات التي يتطلبها هذا القطاع، سواءً من استشارات مالية أو تعاملات أو غيرها من المتطلبات.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالرحمن الحميد ل»الجزيرة»: إن «طبيعة شاغري مناصب الخدمات المالية، خصوصاً في القيادة التنفيذية، لا ترتبط بالجنسية من حيث المبدأ، إذ إن هذه المهنة تتطلب الكفاءة والخبرة». وأضاف بأنه «على الرغم من التواجد الكبير للعنصر البشري الأجنبي في هذه المناصب، نجد أن بعض الشباب السعودي يتفوق على الأجانب، من حيث الكفاءة والإمكانيات والقدرة على شغر هذه المناصب بكل تميز واقتدار، ولكنهم للأسف قليلون».
ونوّه الحميد إلى أن «الخطأ الموجود الآن، والذي يقود إلى استمرارية تجاهل الكفاءات السعودية، هو أنظمة الأجهزة المعنية في هذا الأمر، إذ إن هذه الأنظمة ومع الأسف لم تلزم الرساميل والأموال العاملة في هذه المجال، أن يكون جزءاً منها سعودي». وأكد الحميد أنه «على الرغم من وجود عدد لا بأس به من الكفاءات السعودية، القادرة على التواجد والعمل وقيادة مثل هذا القطاع والقطاعات الأخرى، إلا أنها لم تجد الدعم في ذلك من الجهات العاملة في هذا القطاع، وأيضاً لم تجد أنظمة تحتم وتعزز من فرص تواجدهم لقيادة مثل هذه الجهات، على الرغم من تميزهم، وفي المقابل نأمل بزيادة هذه الأعداد من الكفاءات السعودية المحلية، لتكون متواكبة مع التطور الاقتصادي الذي تشهده المملكة، ومنها قطاع الخدمات المالية، كما يجب على الشاب السعودي أن يبني نفسه ويطور أداءه ويصبح مهنياً، بالقدر الكافي الذي يجعله قادراً على تولي المناصب القيادية بالمؤسسات المالية».
وقال الحميد إن الوضع الحالي «نسير من خلاله في حلقة مفرغة، حيث إن العنصر البشري المحلي يجب أن يتطور، وأيضاً الأنظمة في الأجهزة المعنية، سواءً هيئة سوق المال أو مؤسسة النقد العربي السعودي، بحيث تكسر الحواجز وتغير الأنظمة لإدخال العنصر المحلي في مجال الخدمات المالية، وتعالج العوائق التي تمنع حصول كفاءاتنا المحلية على الفرصة في إدارة هذا المجال في ظل تميزها». واختتم الحميد تصريحه بأن «على هذه الأجهزة أن تهيئ المناخ الملائم لإتاحة الفرصة لشبابنا، وأيضاً تعديل الأنظمة، التي هي الأساس في عدم وصول كفاءاتنا المحلية لشغر المناصب القيادية».
من جهته أوضح المدير العام للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية «سمة» في تصريح ل «الجزيرة» أن القطاع المالي «يحتاج إلى كفاءات نوعية تتمكن من إدارة هذا القطاع بكل اقتدار، سواءً من ناحية الخبرة وكذلك اكتساب هذه القيادات الشهادات المهنية وعدم الاكتفاء بالشهادات الأكاديمية».
وأشار نبيل المبارك إلى أنه في «منتصف الثمانينات، ومع بدء التوسع في السوق والانفتاح المفاجئ، لم يكن لدى الجهات المعنية في القطاع المصرفي عموماً الاستعداد لتهيئة كوادر بشرية محلية، إلا أن تدخل (ساما) في ذلك الوقت، وضغطها على البنوك أدى إلى جعل البنوك تصرف على التدريب، وخرجت بعدها بسنوات بعناصر قادرة على القيادة المالية».
وأضاف مدير عام «سمة»: «لدينا خلل الآن في عدم تواكب الأعداد المحلية المؤهلة مع التوسع الحالي والفرص الكبيرة في هذا القطاع المحلي، حيث لا توجد كفاءات كافية تلبي الاحتياجات، ولكن الأمل في المبتعثين أن يسدوا هذا الخلل، ولكن عليهم أن يفكروا بشكل مهني، حيث يتطلب الأمر أن يطوروا أنفسهم مهنياً، إذا رغبوا في شغر هذه المناصب التي تتطلب المهنية بشكل أساسي». وشدد المبارك على أن «تولي العناصر الأجنبية لقيادة الخدمات المالية، لا يترتب عليه أية مخاطر في ظل الوضع الحالي، الذي أصبحنا فيه بسوق عالمي مفتوح، حيث أن المعيار الآن هو الكفاءة، لذلك دور الشباب في أن يطور نفسه أيضاً دور الشركات في تبني الشباب». وأوضح المبارك أن الشركات «قد لا تؤدي دورها بالشكل المطلوب في هذا التبني، لذلك سيكون الدور على (ساما) وهيئة سوق المال بجعل الشركات تستثمر في الشباب وعدم الاكتفاء بالمؤهل التعليمي، وإنما تهيئتهم أيضا حتى يصلوا إلى المهنية، لذلك يجب إعادة الاستثمار في التدريب، وليس فقط التعليم، للخروج بعناصر قيادية محلية، قادرة على تغطية توسع قطاع الخدمات المالية بكل مهنية واقتدار».