نشرت جريدة الجزيرة (13855) مقالة للأستاذة فوزية النعيم تطرقت فيها إلى العلاجات الشعبة التي يتداولها الناس ويشترونها من الرقاة والعطارين التي كانت في الماضي تتم في الخفاء وبصورة خجولة وصارت اليوم في العلن بل وأصبح بعض أولئك يقوم بالدعاية لمنتجاته وخلطاته ووصافته جهاراً نهاراً، فاختلط الحابل بالنابل ولم يعد يعرف الكاذب من الصادق والمحسن من المسيء، وصار ماء زمزم والعسل وزيت الزيتون المقروء فيها تباع حتى في البقالات الصغيرة ومحلات بيع الخضروات والتمور والتسجيلات الإسلامية ومكاتب الحج والعمرة.. وهنا مكمن الخطر خاصة ماء زمزم الذي يكون في بئر زمزم المباركة سليماً طيباً خالياً من الملوثات ولكن عندما ينقل في عبوات بلاستيكية ينتج عن ذلك مشكلات صحية معروفة للكثير.. ولكن ما سأركز عليه هو عبوات البلاستيك التي ينقل فيها ماء زمزم.. فالبلاستيك درجاته وجودته تختلف من مصنع إلى مصنع.. فهل بقاء ماء زمزم أو حتى الماء العادي في هذه العبوات البلاستيكية لأسابيع وأشهر أمر مأمون صحياً؟!.
لأن ما أعرفه أن البلاستيك ينتج عنه مواد تتحلل وتختلط بالماء خاصة إذا كان من النوع الرديء فالبلاستيك مصنوع من مواد كيماوية ومواد أخرى تساعد في تحسين صفائه وتزيد من طول فترة تخزين الأغذية والسوائل فيه.. كما أن البلاستيك يحتوي في بعض الأحيان على أصباغ لتمنحه عدة ألوان بهدف التسويق التجاري كما أن المواد التي في البلاستيك تتأثر بدرجة نفاذية الضوء إليه وموانع الأكسدة وهذه المواد إما أن تلوث الأطعمة والسؤال وتذوب فيها أو تتفاعل معها وينتج عن ذلك مواد الله العليم بها وبخطرها، كما أن الدراسات التي تخرج بين فينة وأخرى، تفيد بأن بعض أنواع البلاستيك تتسب في الأورام الخبيثة وتؤدي إلى تسمم الأجنة لأنه توجد بها مواد مسرطنة تتلف الكبد وغير ذلك من أعضاء الجسم الحيوية هذا غير أن بعض مصانع المياه ورغم الاحتياطات توجد في مياهها ملوثات وشوائب فكيف بأفراد يقومون بالتعبئة والنقل بطرق بدائية وهذه مشكلة بل معضلة أولى! يضاف لها الرذاذ المتطاير عند الرقية الشرعية مع الريق عند النفث في الماء كما يفعل ذلك الكثير من الرقاة حيث قد يكون مقبولاً شرب الماء أو أكل العسل بعد الرقية الشرعية مباشرة وإن كان لي تحفظ على بعض الأشخاص! أما أن يبقى الماء مدة طويلة وهو مقروء فيه ويحتوي على شيء من الريق واللعاب البشري.. فأظن ولا أجزم أن الماء الراكد سيكون مصنعاً لإنتاج الجراثيم والميكروبات.. فالريق البشري يكون مليئاً بالميكروبات الحميدة للشخص نفسه ولكن عندما تنتقل هذه الميكروبات للماء فإنها تتكاثر وتتوالد كلما طالت مدة بقائها في الماء، وعندما يشرب هذا الماء شخص آخر فإنه قد يتضرر من هذا الماء الممتلئ بالميكروبات خاصة أن البعض لا يخلو من أمراض صدرية وتنفسية مؤقتة أو دائمة وقد ينتقل ما به من أمراض إلى الآخرين من خلال ذلك كما أن الكثير من الرقاة لا يلتزم بالمنهج النبوي وهو النفث في الماء دون ريق.. وقد قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (إن المقصود هو أن اتصال الرقية والقراءة بالنفخ - النفس - في الماء ثم يسقاه المولود أو يصب عليه فهذا لا بأس به لأنه يكون خالياً تماماً من الجراثيم ولكن بعد ولادته بأربعة وعشرين ساعة يظهر في فمه اثنا عشر نوعاً من الجراثيم وخلال عشرة أيام يصبح في فمه قرابة الواحد والعشرين نوعاً ومعظم هذه الجراثيم تتعايش مع الشخص نفسه بصورة سلمية ولا تؤذيه ما دام الفم محتفظاً بوسائل دفاعه والبدن في صحة طيبة أما إذا ضعفت تلك الوسائل الدفاعية نتيجة التقصير في نظافة الفم وإهماله انطلقت تلك الجراثيم مسببة الكثير من الأمراض للفم والأسنان وهنا يبرز سؤال! هو ما مدى خطر هذه الجراثيم عند نفخ أو نفث أحدهم شيئاً من ريقه ولعابه في الماء؟!.
من خلال قراءتي وجدت أن هناك تحذيراً نبوياً من النفخ في الطعام والشراب وأن هذه العادة قد تتسبب في الإصابة بداء السكري أو قرحة المعدة لمن يتناولهما وبالإمكان البحث عن ذلك بالتفصيل في المواقع الطبية عن طريق النت أو الاستشارة المباشرة للأطباء المختصين، وقد روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى عن النفخ في الطعام والشراب) حديث صحيح كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا شرب أحدم فلا يتنفس في الإناء) رواه البخاري لأن ذلك من مكارم الأخلاق ومن متممات النظافة الشخصية ولضرره كما أثبت ذلك الطب الحديث الذي يحذر من النفخ في الطعام الحار والشراب الساخن لأنه ينتج عن ذلك بكتيريا متحوصلة تصل إلى داخل الجسم وهذا مصداق للتوجيه النبوي، ومن وجهة نظري أن النفخ والتنفس في السوائل الباردة له خطره على اعتبار أن النهي النبوي من النفخ عام وشامل للبارد والساخن من الأطعمة والمشروبات.. وكإضافة ومن باب الفائدة قال العلامة المناوي رحمه الله: (والنفخ في الطعام الحار يدل على العجلة الدالة على الشره وعدم الصبر وقلة المروءة).
هذا إذا أضفنا إلى الغش الحاصل في ماء زمزم من الباعة والمتاجرين به في الداخل والخارج ومما قرأته قبل مدة أن السلطات البريطانية قررت تغريم كل شخص يثبت بيعه عبوات مياه زمزم مغشوشة بغرامة مالية تصل إلى عشرين ألف يورو أو السجن من ستة أشهر إلى سنتين لأنه ثبت لها أن تلك العصابات تخلط الماء العادي بالزرنيخ والنترات وهو ما يشكل خطراً على الصحة.. والمعلومة التي خرجت بها من هذا الخبر أن الجهات المختصة في السعودية تمنع تصدير ماء زمزم للأغراض التجارية وهذا يحتاج.. بل يقتضي أن تتبنى وسائل إعلامنا الرسمية الإعلان عنه بشتى اللغات خاصة في أوقات المواسم لتصل تلك الرسالة الإعلامية إلى جميع المسلمين في العالم التي يصل إليها بث القنوات السعودية التلفزيونية والإذاعية فيدركوا الحقيقة التي تساهم في حمايتهم بإذن الله ممن لا يخاف الله ويتاجر في أموالهم وصحتهم من خلال هذا الماء الطاهر المبارك.
علي بن زيد القرون -حوطة بني تميم