من حق المنتسبين للمركز الوطني للقياس والتقويم بالتعليم العالي، أن يؤيدوا موقف ونتائج مركز القياس، ومن حقهم أيضا أن يستعينوا ببعض زملائهم الأكاديميين في الجامعات السعودية لمساندتهم والمشاركة في دعم أفكارهم ولكن ليس من حقهم أن يصفوا الغالبية العظمى من المجتمع السعودي سواء طلاب أو ولاة أمر بالناعقين، لمجرد أنهم يعارضون فكرة اختبارات المركز ويطرحون رؤاهم حول هذا المركز واختباراته!! فإذا كان هناك أعداد محدودة من طلابنا (المحظوظين) أو (العباقرة)، الذين يؤدون اختبارات القياس ويحققون فيها درجات عليا، ففي المقابل هناك آلاف الطلبة المجتهدين الذين تعثروا أمام هذا الشبح، وتعرضوا من خلاله إلى الظلم المزدوج الذي يحطم آمالهم ويهدم أحلامهم، فظلم القياس لا يقتصر على نفسه والتبخيس من درجاته وإنما هو يقتطع من حق لا يملكه، فالطالب لديه رصيد من الدرجات التي حصل عليها من وزارة رسمية ضمن أجهزة الدولة، اسمها (وزارة التربية والتعليم)، ليأتي هذا القياس المخيف فيلتهم جهد الوزارة وتحصيل الطلبة، ولا أدري كيف تقبلت وزارة التربية والتعليم هذا الانتقاص والتشكيك في تدريسها ومخرجاتها التعليمية؟! وأرجو ألا نصل إلى ترسيخ فكرة سلبية لدى طلبة التعليم العام، مفادها إهمال أهمية المرحلة الثانوية طالما جهدها سيضيع والتركيز على أي معلومة عامة تفيدهم في اختبار القياس، يتحدث أحد الأعضاء المؤيدين للمركز بالقول: (إن طريقتهم في المركز تعتمد على الطرق العلمية المعمول بها عالميا) ولكنه لم يذكر لنا لماذا لا نطبق تلك العملية المعمول بها عالميا إلا بعد الثانوية العامة؟ لماذا لا نطبق النظام التعليمي المنهجي العالمي بحذافيره ابتداء من رياض الأطفال ومروراً بمراحل التعليم العام، حتى يكون طلبتنا في مستوى قياسنا الذي يتباهى به ذلك المتحدث!! ويتحدث الآخر من المساندين للحملة (بأن نتيجة الثانوية العامة تعتبر مؤشراً غير حقيقي في كثير من الحالات ولا تعكس قدرات الطالب الفعلية ولا مهاراته المكتسبة) وأغفل هذا المساند جهد السنين التي قضاها الطلاب في مرحلة الثانوية ليؤكد سعادته أن المؤشر الحقيقي لمستوى الطالب هو سويعات القياس وليس سنين المذاكرة والجهد الثانوي، وتناسى المتحدثان الأصلي والمساند بأن طبيعة أسئلة واختبارات الثانوية العامة التي يشككون فيها، أشمل وأوسع وأكثر تنوعا من اختبار القياس، الذي يعتمد على اختيار الإجابة الصحيحة من بين الإجابات المطروحة، وبالتالي فبعض الطلبة (المحظوظين) يحقق الدرجات العليا من خلال التخمين والصدفة فقط، وليس ذلك تفوقا ولا مؤشراً حقيقا كما يدعي المؤيديون، ومن هنا دعوني أشترك في النقاش واسمحوا لي ببعض التساؤلات التي أتمنى أن أجد لها إجابة وافية لدى (المحامين عن القياس)، فأقول وبالله التوفيق، طالما اخواننا في القياس يشعرون بالفخر تجاه المركز واختباراته، ويحسون بالبهجة والسرور لاجتياز الطلبة (المتميزين) لهذا الاختبار بسهولة وحصولهم على درجات مرتفعة، أقول دعونا لا نفسد عليهم هذه السعادة الغامرة، بل نؤكدها ونقول، أليس من حق هؤلاء الطلبة (المتميزين) وبقية زملائهم المسحوقين، أليس من حقهم جميعا - وأنتم الحريصون عليهم - أن يؤدوا الاختبار مجانا!! لماذا الإصرار من مسؤولي المركز على دفع رسم مائة ريال على كل طالب يسجل في الاختبار؟ إذا كان هدف هؤلاء التربويين من منسوبي المركز هو المصلحة العامة والحرص على تمحيص الطلبة وفحصهم ومعرفة أحقيتهم بالتفوق والنهوض بالمجتمع والعملية التعليمية كما يحاولون اقناعنا، فلماذا إذن لا يتنازلون عن المائة ريال في سبيل المساهمة منهم إلى تحفيز الجادين ومكافأة المتميزين؟ خصوصا وأن المنشآت التي تعقد فيها الاختبارات هي ذاتها المنشآت التعليمية، والمراقبون هم موظفون يتقاضون رواتبهم من الدولة، أي أنه ليس هناك أي مصروفات من أجل عقد الاختبارات! والتساؤل الآخر هل جرب أحد الأعضاء الداعمين للقياس والمشجعين له أن يخوض اختبار القياس مع أبنائه الطلبة؟ أتحدى أي واحد فيهم أن يغامر ويقدم على خوض التجربة، أتدرون لماذا؟ لأنه ببساطة لن يتمكن من إجابة ربع الأسئلة المطروحة، فكيف يطالب ويدافع عن اختبار عجز الأستاذ نفسه عن اجتيازه لا من حيث الوقت ولا من حيث المعلومة؟ وليت تعليمنا بصفة عامة يكتفي بسلسلة الاختبارات والتعقيدات، ابتداء بالتراكمي في الثانوية العامة، وبعدها القياس، ثم التحصيلي، فالمقابلات العامة والاختبارات التحريرية على عتبات الجامعات قبل القبول، ولكن السلسلة لها بقية فكل هذا الجهد، لم يشفع للطلاب الالتحاق بالكليات التي يرغبونها مباشرة، وإنما ابتكرت وزارة التعليم العالي ما أسمته سنة تحضيرية، لمن لم يجتز السنة التحضيرية بمعدل معين، وفي أحسن الأحوال إرغامهم على دخول الكليات التي لا يرغبونها، فتكون النتيجة الحصول على شهادة، وليس على تخصص يتوافق مع رغبة الطالب وميوله وحبه للمساهمة الفاعلة في خدمة المجتمع.
jarman4444@yahoo.com