رأيـت صـورة فوتوغـرافيـــة في الصفحة الأولى من جريدة الجزيرة، جسدت فداء جنود عبدالله بن عبدالعزيز في جنوب باكستان، وهم يتكئون على قارب إنقاذ سياجا لحماية أطفال إحدى المدارس بعد إنقاذهم من الفيضانات التي أغرقت الآلاف من أبناء باكستان، وقد واجه جنود عبدالله أمواج سيول أمطار عاتية كادت أن تغرقهم وتغرق أطفال باكستان التي تعيش محنة من أعظم المحن التي مرت عليها، لأنها محنة فيضانات مياه نزلت من مزن السماء، ولم تبقِ أثراً في كثير من قرى جنوب باكستان، وما على ظهر أرضها من حياة..
فقد شردت الآلاف وقتلت المئات من الشيوخ والشباب والأطفال! إنها مأساة مؤلمة عظمت واشتد هولها عند عبدالله بن عبدالعزيز الذي نذر نفسه وبذل ماله وجند أبناءه لإنقاذ أبناء باكستان، وألا يعود جنوده إلى أرض بلادهم إلا بالشهادة أو إنقاذ إخوانهم المحجوزين من الفيضانات التي لا تبقي أثر حياة؛ إذ بدأ جنود عبدالله الصراع مع أمواج المياه العارمة التي لا تذر حياة ولا جمادا، لا يخشون خطرها ولا يهابون الموت! شعارهم الشهادة أو الإنقاذ استجابة لقول من يحيي الأنفس سبحانه:{وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}، وتطبيقاً لحديث: (ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). وتلبية لأمر ولي أمرهم الذي أراد أن نكون لحمة واحدة مع مختلف أبناء الأمة الإسلامية. إنهم جنود عبدالله بن عبدالعزيز الذين قدموا أغلى تضحية وأنفس عطاء وأعظم فداء لا يقدر بثمن، ولا يقدم عليه إلا رجال نذروا أنفسهم لطاعة الله وطاعة رسوله وولي أمرهم؛ لأجل إنقاذ إخوانهم الباكستانيين الذين يصارعون الموت من قوة أمواج الفيضانات التي حلت بجنوب بلادهم، فقد عشنا في جنوبي وشمالي، وفي غربي وشرقي بلادنا مأساتهم، وتألمنا آلامهم وحزنا أحزانهم.. إنها سيول عاتية لم تدع شيئاً في قرى جنوبي باكستان إلا وأهلكته، قتلت الرجال ورمّلت النساء ويتمت الأطفال، وشردت الأحياء وغمرت البيوت وجرفت الأثاث وأغرقت المزارع!
إنها مصيبة عظيمة من أعظم المصائب التي أصابت أشقاءنا الباكستانيين الذين لهم وقفات فداء وتضحية معنا في فيضانات جدة. لذا لم تغمض لعبدالله عين ولم يسترح له قلب، ولم تبخل له يد.. إنه وفاء عظيم من رجل عظيم استطاع بما وهبه الله من إنسانية أن يواصل المئات من قوافل الغذاء والدواء والكساء والخيام لتصل إلى إخوانه المتضررين من السيول في باكستان، وتدشين آلاف الخيام لإيواء وإعاشة مليوني متضرر في مختلف أرجاء جنوب باكستان، وتوزيع آلاف السلال الغذائية، وتقديم أنواع الحلوى لأبناء المخيمات التي ضربها في يابسة أرضهم بمناسبة عيد الفطر! إنها حملة عبدالله الإنسانية وفداء جنوده الأبطال الذين قدموا التضحيات لإنقاذ المئات من الذين جرفتهم السيول في المدارس والمنازل والطرقات، إنهم رجال عبدالله الذين نذروا حياتهم لإحياء إخوانهم الذين لايزالون يصارعون الأمواج العاتية..
نسأل الله العلي القدير رافعين أكف أيدينا إلى السماء ألا يحرم خادم البيتين الشريفين دعاء مئات الملايين من أبناء باكستان، وألا يحرمه الأجر والثواب الذي نرجو أن يناله من الله في الدنيا والآخرة، لأنه يد حانية، وولي عهده الأمين والنائب الثاني لإخواننا المسلمين في مختلف أرجاء الأرض. كما ندعو ونبسط أيدينا إلى الله العظيم ألا يحرم جنودنا البواسل أجر من أحيا نفساً واحدة من مئات الأنفس في باكستان فحياة النفس الواحدة كحياة الناس أجمعين وألا يحرم العاملين في سفارتنا في باكستان الذين قدموا جلّ خدماتهم من أجل مواصلة إغاثة خادم البيتين الشريفين ألا يحرمهم الأجر الذي نرجوه من الله لهم في الدنيا والآخرة. ومن أجل استمرار إغاثة خادم البيتين الشريفين التي يشرف عليها النائب الثاني لا نبخل بإغاثتهم بما نستطيع من مال وغذاء ولباس؛ لأنهم في أمس الحاجة إلى الإغاثة التي لا يضيعها الله سبحانه وتعالى.
بريدة / نادي القصيم الأدبي