|
الجزيرة - ياسر الجلاجل
أكَّد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار أن رعاية خادم الحرمين الشريفين للمؤتمر السعودي الدولي للفضاء والطيران يدفع للارتقاء بالمملكة في علوم الفضاء والطيران وتقنياته، وقال سموه: إن الفضاء لم يُعدُّ سفرًا ونزهةً، بل هو خدمة للعلوم ومجالات الاقتصاد والطب والبيئة ومشكلات التصحر والكثير من القضايا التي تمسها أبحاث وعلوم الفضاء.
وقال سموه: إن ما حدث قبل 25 عامًا هي نظرة طويلة المدى لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد -رحمه الله- وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله -حفظه الله- وولي عهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز لرعايتهم الكريمة لرحلة الفضاء الأولى وكانت رؤيتهم لهذه الرحلة بأنها تحرك نظرات المواطن نحو مجالات العلوم والانطلاق في هذه المهمة المثيرة في مظهرها لكنها في الحقيقة لها مغزى ولها معانٍ أبعد من ذلك بكثير، موضحًا أن ما نراه اليوم من تقدم في علوم الفضاء والطيران نتيجة لهذه المهمة الأولى التي بنت على أساسها، حيث لم تكن مهمة فضائية عابرة، بل كان التوجيه بالبناء عليها وكتبنا التقارير والنتائج من هذه المهمة لسمو سيدي سلطان بن عبد العزيز حفظ الله.
وكشف سمو الأمير سلطان بن سلمان خلال افتتاح فعاليات المؤتمر السعودي الدولي للفضاء والطيران التي أطلقت أمس أن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- وجّهه بعد عودته من رحلة الفضاء باستمرار رحلات الفضاء وكان هناك شبه اتفاق بين المملكة ووكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) وكان هناك دعم من الرئيس الأمريكي الراحل ريجن سنة 1986م وكان الاتفاق يوصي بمشاركة خمسة رواد فضاء سعوديين، حيث يشارك كل سنتين أول ثلاث سنوات رائد فضاء سعودي للأبحاث العلمية ووضع المملكة أولاً بأول في مجال الفضاء والطيران، لكن توقف رحلات الفضاء لمدة ثلاث سنوات من قبل (ناسا) كان سببًا في توقف المشاركات السعودية في الفضاء. وقال سموه: كان يجب على مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أن تسهم في وضع رائد فضاء على مركبة الفضاء «سبستيشن» لمتابعة النشاط الإنساني في الفضاء. وقال سموه: إن أبرز الذكريات المهمة والجميلة هي مكالمتي لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- إضافة إلى إنجاز المهمة كفريق في وقت قصير وقياسي، وعند عودتنا تم الاحتفاء بنا كأبطال بجميع المشاركين في الرحلة.
وبدأت أعمال المؤتمر بجلسة افتتاحية دشّن خلالها رئيس المدينة الدكتور محمد بن إبراهيم السويل فعاليات المؤتمر، ورحب بالحضور من متحدثين دوليين يتقدمهم رئيس وكالة الفضاء والطيران الأمريكية (ناسا) الجنرال تشارلز بولدن، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان الذي يُعدُّ أول رائد فضاء عربي مسلم، وعدد من رواد الفضاء وخبراء (ناسا). منوهًا بالدعم الكبير الذي تحظى به مدينة الملك عبد العزيز للعلوم التقنية من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ودعمه ورعايته - حفظه الله- لهذا المؤتمر العلمي، كما أشاد بالجهود التي يبذلها الرئيس الأمريكي باراك أوباما وإسهاماته في هذا المجال والتعاون العلمي الكبير بين المؤسسات العلمية في الولايات المتحدة الأمريكية مع المملكة العربية السعودية.
من جهته قدم الجنرال تشارلز بولدن عرضًا لإستراتيجية وتطوير الاتجاهات التقنية للفضاء والطيران في وكالة الفضاء والطيران الأمريكية (ناسا)، حيث تحدث عن التطورات التي مرت بها (ناسا) منذ عام 1998م، وسياسة (ناسا) منذ أن تولى الرئيس الأمريكي باراك أوباما الرئاسة واهتمامه الشخصي بتعزيز المشاركة العلمية لوكالة (ناسا) مع كافة المؤسسات العلمية في دول العالم. وأوضح الجنرال تشارلز بولدن أن وكالة (ناسا) تعتمد على شركاء غير تقليديين في مجال العلوم الفضائية، وتسعى لتوسيع مجالات البحث لمعرفة المناخ المحيط بالكرة الأرضية والمنظومة الشمسية، وهي تشجع الجهات العلمية للمضي قدمًا في مجالات أبحاث الفضاء.
وذكر بولدن أن هناك حوالي أربعين ألف اتفاقية تم توقيعها مع 140 دولة أسفرت عن فوائد جمّة لجميع الأطراف، حيث تم إنجاز خمسين في المائة من هذه الاتفاقيات، مشيرًا إلى أن هناك 36 عالم فضاء من 15 دولة شاركوا في رحلات مكوكية إلى الفضاء، معربًا عن أمله في زيادة فرص التعاون الدولي، وتطرق إلى المجالات العلمية البحثية الحديثة التي تعمل عليها (ناسا) وتهتم بها. وأكّد رئيس وكالة الفضاء والطيران الأمريكية أن (ناسا) تمكنت من رصد وتصوير التغيرات المناخية التي حدثت في العالم خلال الآونة الأخيرة، وقد تعرضت 35 دولة في العالم لهذه الظروف المناخية ومن ذلك دول الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط التي تأثرت بهذه الظروف، حيث رصدت (ناسا) على سبيل المثال العاصفة الترابية التي تعرضت لها المملكة.
وتحدث سمو الأمير سلطان بن سلمان رائد الفضاء عن الرحلة الفضائية التاريخية (STS 51 - G) التي قام بها عام 1985م ضمن طاقم الرحلة على مكوك الفضاء ديسكوفري، وذكرياته وأبرز مشاهداته وانطباعاته خلال تلك الرحلة التي تُعدُّ الأولى لرائد فضاء عربي مسلم، بمشاركة رواد الفضاء في تلك الرحلة التاريخية، مشيرًا إلى تعقيد المهمة في تلك الرحلة وقصر فترة الإعداد لها مقارنة بالتحضير لأي مهمة فضائية أخرى، فضلاً عن العدد الكبير من العلماء والباحثين الذين شاركوا في الإعداد لهذه الرحلة ورواد الفضاء.
وأكّد سمو الأمير سلطان بن سلمان أن المملكة العربية السعودية وصلت إلى مجالات متقدمة في مجال علوم الفضاء، مشيرًا إلى أن المشاركة في رحلات الفضاء لها رونقها وطابعها الخاص، كما أن هناك وثائق وشهادات على درجة كبيرة من الأهمية ترصد أهم الملاحظات خلال هذه الرحلة التاريخية وسوف تصدر قريبًا في كتاب بمشيئة الله.
من جهته تناول سمو الأمير الدكتور تركي بن سعود نائب رئيس المدينة لمعاهد البحوث إستراتيجيات وإنجازات برنامج علوم الفضاء السعودي، حيث أشار إلى أن الرحلة الفضائية للأمير سلطان بن سلمان كانت بمثابة الإلهام والدافع لتحقيق منجزات علمية في مجال علوم الفضاء، مفيدًا أن المملكة العربية السعودية هي أول دولة تتبنى سياسة وإستراتيجية في مجال علوم الفضاء ضمن عدد من المجالات الإستراتيجية التي تهم المملكة ضمن الخطة الوطنية الشاملة للعلوم والتقنية التي دعمتها الدولة.
وتلا الجلسة الافتتاحية توقيع اتفاقيتين بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ووكالة الفضاء والطيران الأمريكية (ناسا) تقضي بتعاون الجهتين في مجال جيوديسيا الفضاء والآيرونت، كما تم التوقيع على مذكرة نوايا بين الجهتين في مجال الفضاء والطيران.
عقب ذلك قام كل من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان ورئيس وكالة الفضاء والطيران الأمريكية (ناسا) الجنرال تشارلز بولدن يرافقهم معالي رئيس المدينة الدكتور محمد بن إبراهيم السويل وسمو نائبه لمعاهد البحوث الأمير الدكتور تركي بن سعود بجولة على المعرض المصاحب للمؤتمر، حيث تفقدوا أجنحة الجهات الداعمة للمؤتمر وهي شركة الاتصالات السعودية وشركة أرامكو السعودية وشركة معادن والمؤسسة العربية للاتصالات الفضائية عربسات، وقد تلقى سمو الأمير سلطان بن سلمان أثناء زيارته لمعرض أرامكو هدية تذكارية.