لا بد أن معالي المهندس عادل فقيه يعي تماماً حجم المسئولية الملقاة على عاتقه.. ويعي أيضاً وبشكل أكبر أن اختيار ولاة الأمر له لم يكن من فراغ.. بل لعلمهم أنه يحمل عدداً من الحلول لمشكلات كثيرة وكبيرة.
لن يبدأ المهندس عادل فقيه من حيث بدأ الدكتور القصيبي - رحمه الله - بل أحسبه - والله أعلم - أنه سيبدأ من حيث انتهى الدكتور القصيبي حينما تم وأد أكثر من فكرة بادر بها - رحمه الله - والقضاء على أكثر من توجه همّ بتنفيذه - أسكنه فسيح جناته - حينما كان يؤرقه همّ توطين الوظائف.. أو ما يُسمى بالسعودة وهمّ القضاء على البطالة.
لا شك أن ذلك الهمّ بدأ يؤرق الوزير الجديد كما هي الحال مع وزارة العمل.. وهي الوزارة المناط بها تلك المهمة الوطنية التي تعمل بجد وباجتهاد ممثّلة في عدد من الأجهزة ذات العلاقة وكأنها تنحت في الصخر مما يواجهها من عدد من المحبطات سواءً من القطاع الخاص الذي بات أمر تعاونه مع الوزارة في سعودة الوظائف لديه أمراً محكوماً عليه بالفشل إلا من رحم ربي، أو من خلال المواطن الذي يرغب بوظيفة تناسبه شخصياً بمرتبها وعدد ساعات العمل بها، وفوق ذلك المكان والمرجعية.
نعلم جيداً أن عجلة السعودة المنشودة من قبل الدولة ممثَّلة بعدد من الجهات الرسمية تسير في حركة بطيئة جداً على الرغم من الجهود المبذولة لإنجاحها، وقد لا أبالغ في القول إن تلك العجلة ما زالت تدور في فلك الوظائف الإدارية فقط دونما الفنية منها إلا ما ندر.. وبالرغم مما تبذله المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني وهي الجهة المعنية بتأهيل الشباب لخوض غمار العمل المهني والتقني وهي تعمل بجد واجتهاد عبر مؤسساتها التدريبية أو عبر آليات الشراكات الإستراتيجية التي سعت لإقامتها مع كبرى شركات القطاع الخاص في ميادين عديدة ومختلفة لإقامة معاهد تدريبية لتأهيل الشباب للعمل فيها.
أعلم يقيناً أن المهندس الشاب عادل فقيه.. وهو من أتى من القطاع الخاص يعلم أكثر من غيره معاناة طرفي المعادلة سواءً القطاع الخاص أو طالب العمل، وعلمي ذلك لا يقل بتاتاً عن يقيني بأن المهندس الفقيه وهو يتسنم الآن هرم الوزارة المناط بها تقديم الحلول العاجلة والآجلة لمشكلات البطالة والتوطين لن يكون لديه سبب واحد يجعله يستمر في سياسة ثبتَ فشلها وعدم نجاحها ولو نسبياً، ولن يكون لديه سبب واحد يجعله متفائلاً من القادم من الأيام إذا أقر استمرار ذات الطريقة التي كنا نتعاطى فيها مع أهم قضية وطنية على الإطلاق، حدسي يؤكد أن الوزير الشاب لن يستمر في الإمعان بتطبيق أنظمة معينة ثبت قدرة كثيرين على التحايل عليها هرباً من تطبيقها عليهم، ولا أجد مبرراً واحداً يجعلني أصدق أنه سيستمر على النهج ذاته في التعامل مع المشكلة وعدم البحث عن بدائل.
أعلم أن إرثاً كبيراً كهذا يحتاج إلى بذل الكثير من العمل والدراسة والجهد إن أردنا تحقيق نتائج إيجابية، لكنني في ذات الوقت أعلم يقيناً أننا أمام حالة اجتماعية أمنية إنسانية اقتصادية تمس أبناء الوطن وبناته وأسره وعوائله كالعمل أو التوظيف أو التوطين أو القضاء على البطالة والتي تتطلب قراراً صارماً حازماً ملزماً يحقق الرفاهية للمواطن وقبل ذلك المعيشة له ويقضي على كثير مما تفرزه الآثار السلبية للبطالة.
جُل ما أرجوه من معالي المهندس الفقيه أن يعمل على فصل التوطين والتوظيف عن العمل ومشكلاته تقنياً ويستمر بربطهما إدارياً لاستحالة فصلهما كلياً، لكن علينا إن أردنا فعلاً أن يتم تسليط الضوء على جانب التوظيف من أجل حل مشكلة البطالة الحالية وعلى التوطين من أجل توفير ضمانات مستقبلية لعدم تكرار مشكلة البطالة أن يتم فصل هذا الجانب تماماً عن العمل ومنحه القوة اللازمة وتسليط الضوء الكافي عليه، وأن لا يلتفت الوزير الشاب لمحاولات الكثير لوأد الحلول التي أوجدها الدكتور القصيبي -رحمه الله- بحجج مختلفة، عليه أن لا يتوقف عند كلام المخالفين ولا نشاز أصواتهم..
إلى لقاء قادم إن كتب الله.