Al Jazirah NewsPaper Thursday  16/09/2010 G Issue 13867
الخميس 07 شوال 1431   العدد  13867
 

مداخلات لغوية
احتجان الألفاظ
أبو أوس إبراهيم الشمسان

 

يعرف العامة المحجان وجمعها المحاجين وتعرف الحجنة، وأما الاحتجان فهو مصدر الفعل (احتجن)، يقال في اللغة: حَجَنْتُ الشيء واحْتَجَنْتُهُ، إذا جذبتَه بالمِحْجَنِ إلى نفسك. ومنه قول قيس بن عاصم في وصيته: عليكم بالماس واحْتِجانِهِ، وهو ضَمُّكَه إلى نفسك وإمساكُك إياه. وأما احتجان الألفاظ فهو اسم أضعه لحال الألفاظ التي يجري حبسها في دلالة واحدة وتحريم استعمالاتها المعجمية التي قد تكون سابقة على المعنى المراد التوقف عنده، ومثال ذلك لفظ (عيد) وهو مصدر الفعل (عاد) فكل يوم يعود فهو عيد وكل مكان يعاد إليه فهو عيد. جاء في الحديث الشريف «لاَ تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا» وفيه دلالة على صحة استعمال (العيد) للمكان تتكرر زيارته، وجاء في معجم (الصحاح): «والعيدُ: ما اعْتَادَكَ من همٍّ أو غيره. قال الشاعر:

فالقَلْبُ يَعْتادُهُ من حُبِّها عيدُ

وقال يزيد بن الحكم الثقفي:

أمْسى بأسماءَ هذا القَلْبُ مَعْمودا

إذا أقولُ صَحا يَعْتادُهُ عيدا»

ومع ذلك تجد من الناس الذي ينكر استعمال (العيد) في غير عيدي الفطر والأضحى، فلا يرضون أن تقول عيد ميلاد أو عيد المعلم، والقضية عندهم لفظية؛ فلو أسميت ذلك يوم الميلاد أو يوم المعلم لكان مقبولاً عندهم. وكذلك لا يرضون أن تقول شكرًا لأن الشكر عندهم إنما هو لله، مع أن الله يقول: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}. ومثل ذلك (الصلاة) فهم لا يقبلون استعمالها في غير العبادة، مع أن المعنى في الأصل الدعاء، جاء في معجم (الصحاح): «الصَلاةُ: الدعاء. قال الأعشى:

وقابلها الريحُ في دَنِّها

وصَلَّى على دَنِّها وارْتَسَمْ

والصَلاة من الله تعالى: الرحمة. والصلاةُ: واحدة الصَلَواتِ المفروضة». ومعنى يصلي له أي يدعو، قال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ}(التوبة-103)، قد يكون من المنكر عند الناس أن تقول سأصلي لوالدي أي سأدعو له، وأن تقول عنه صلى الله عليه.

ومن الألفاظ التي يتوقف في أمرها (عبّاد الشمس) وهو مستعمل في المعجم الوسيط وفي كتب النباتات الحديثة، ولكن قال الشيخ بكر بن عبدالله أبوزيد في (معجم المناهي اللفظية،19:7): «هذا اسم لبعض الزهور خارج جزيرة العرب، ويستخلص منه بعض الدُّهان، وبعض الروائح الزكية، وهي مسماة بذلك؛ لانفتاح الزهرة في مواجهة الشمس شروقاُ وغروبًا والعبودية لا تكون إلا لله تعالى.. لهذا فتسمية هذا النوع من الزهور باسم: عبَّاد الشمس، تسمية فاسدة، فتجتنب»، لذا سمعنا من يسميه (تباع الشمس)، والحق أن النبات يزرع في جزيرة العرب وتسميه العامة (الشمسي)، وهو مما يستطاب أكل بذره، وأما من يسميه بعباد الشمس فتسميته على المجاز لا الحقيقة، فما الضير في استعمال الفعل (عبد) ومشتقاته استعمالا مجازيًّا. وما أريد تقريره أنه لا تدافع في معاني الألفاظ، وأن استعمال اللفظ في سياقه الصحيح لا يخل باستعماله في سياق آخر.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد