Al Jazirah NewsPaper Wednesday  01/09/2010 G Issue 13852
الاربعاء 22 رمضان 1431   العدد  13852
 

شعراء غيبهم الموت وجمعهم الشعر!! (1)
رؤية - إبراهيم الشتوي

 

للأسف الشديد نحن مجتمع شرقي لا نوفيهم حقهم إلا بعد رحيلهم وفقدهم، شعراء طالهم التهميش والنسيان بعدم التكريم وهم أحياء، على أن التكريم المستحق يكون أثناء رحلتهم بهذه الحياة وهم على وجه الأرض، ليلمسوا مدى حجمهم في قلوبنا ويتلمسوا وهج حرارة مشاعرهم التي أدفأت مساحات أحاسيسنا، ماتوا ولكن لا يزال شعرهم حياً في القلوب، ولا زلنا نشنف به المسامع ومنه نستقي الحكمة وبه نرتقي، وها نحن في مدارات شعبية نقدم لذويهم العزاء ونترك للأجيال القادمة نبذة مختصرة عن تجاربهم الشعرية، جامعين لكم بعض من حزم الضوء المنبعثة من إرثهم الشعري، في محاولة متواضعة لرد ولو جزء قليل من عطاءهم الغني مبنى ومعنى ومغنى، على أمل إفراد مساحة مستقلة لكل واحد منهم في القريب العاجل.

فالشاعر مساعد بن جارلله الغزي -رحمه الله- شاعر تميز شعره بقوة العبارة وصدق العاطفة وجزالة وعمق المعنى وغزارة الإنتاج، كما تميز بدقة الوصف وحسن الرصف وقوة المعنى وعذوبة المفردة، اشتهر رحمه الله بالكرم ودماثة الخلق ولين الجانب والتواضع وحسن المعاملة، قال عنه أحمد الناصر الشايع:

مرحوم يا اللي ما بعد صك بابه

عنده تشوف الناس صدر ووراد

مرحوم يا اللي ينفقد في غيابه

وطيبه ينادى به على روس الاشهاد

ومن قصيدة طويلة قال عنه الشاعر عبدالله السلوم رحمه الله:

لا والله إلا صابك الحزن يا دار

ومن مر جنبك سال دمعه ومعذور

من راح منك مدله الضيف والجار

شيخ عسى سالف خطاياه مغفور

أبو (حمد) معروف من طيب الاذكار

(مساعد الغزي) له الطيب منشور

يقول الشاعر مساعد الغزي -رحمه الله- في هذه القصيدة رداً على الشاعر أحمد الناصر الشايع:

كم واحدٍ هرجه سوات الشهاليل

وليا تحققته لقيته اهلامة

وكم واحدٍ عن الرجاجيل حلحيل

وهو بنقل الهرج حصل وسامه

قصار فعل في قلوب مغاليل

ما همهم غير الحكي واستلامه

والمرجله ما يظفر بحوشها بخيل

لو هم بالجودي تخونه عظامه

من لا تعب للطيب لولأجله اغتيل

ما ينفعه طيب الخوال وعمامه

وله هذه القصيدة التي تعبر عن كرمه ومدى حبه للضيف:

ياحمد خل الباب مفتوح خله

حتى المسير لاعنا مايهابه

اخاف يترك طقة الباب ذله

ويخسر مجيه وانت تخسر جنابه

جدي وجدك ماشرو باب لله

وديوانهم مايوم قد صك بابه

ومن الحكمة في شعره اقتطف لكم قوله:

لقيت التجارب يكشفن كل حلو وكل مر

ولكن يضيع العمر وانت ابتجارب ونتداب

أرى الناس واجد بالرخا كثر عودان الشجر

ولكن قليل اللي ضحى الضيق يا قف للركاب

ألا ما أكثر الاصحاب يوم الرخا وقت اليسر

وعند الشدايد جمعهم يصبح سوات السراب

أما شاعرنا الثاني فهو عبدالرحمن الرشود -رحمه الله- شاعر استطاع أن يؤسس لتجربته الشعرية رؤية خاصة به من حيث الأسلوب واللغة والمعنى، فنجد أن يتكئ على خياله الخصب في تركيب المعنى المراد إيصاله للمتلقي، مع ميله للوصف الذاتي الداخلي للنفس الإنسانية، لذا نجد أن الذات / الأنا، حاضرة في نصوصه وبقوة، كما أنه يميل لاختيار المفردة البسيطة السلسة البعيدة عن الوحشية والغرابة والتعقيد، كما أن المعنى يحمل طاقة وجدانية عالية عبر من خلاله عن همومه وأحلامه وأمانيه، وما تحمله نصوصه من وحده موضوعية وعضوية بكل دقة ورقة واقتدار، ارجع وأقول إن الشاعر عبدالرحمن الرشود من الشعراء الذين أثروا الساحة الشعرية بتجاربهم الجميلة ورؤيتهم العميقة المتدفقة حبا وحكمة وجمالا، وأترككم مع بعض أبياته التي تمثل بعض من خصائصه الفنية التي يتمتع بها رحمه الله.

وخلهم يسهرون الحقد ليله طويل

ذمّ الأخيار صار لكل حاسد سمة

يرجمون الغصون المثمره والنخيل

والأ ثل شوف عينك ماحدٍ يرجمه

وفي نص آخر يقول:

ياللي تحسب القمر يشفق لعنابك

تراك والله لا جيته ولا رحته

وتراه والله تناسى هاجسٍ جابك

والوضع كله ظروف البعد شارحته

قم شرع الباب وش تلقى على بابك؟

تلقى الوهم؟ لا بتلقى الريح ماسحته

وفي نص آخر يقول:

وش نعري والحقايق من تفاهتها عرايا

ما تواري والهقاوي من جهام لسرمدية

الغصون اذا تجنبها النهر تصبح ظما يا

والجروح الي على شط القهر دايم ندية

وفي نص آخر يقول:

والعيون اللي تسافر في خيالي وش عليها

تاخذ طعوني زهاب وشرهة أيامي مطايا

تترك أحلام العطش لأعذب غدير يرتويها

وتروي دروب من الغربه لغربتها ظمايا

احبتي متابعي مدارات شعبية كونوا معنا في الجزء القادم بإذن الله لنلقي الضوء سوياًعلى التجربة الشعرية لكل من الشاعر متعب العنزي والشاعر عاقل الزيد وغيرهم من الشعراء رحمهم الله أجمعين وغفر لهم.

mim-150@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد