ذكر عبدالعزيز المنيع أن ابن مالك أول من ذكر هذا المصطلح، وأنه خاص بما جاء صلة للموصول وأدخل فيه صلة «أل»، وأما ابن هشام فتوسع في استعمال المصطلح (تعلق شبه الجملة، رسالة ماجستير، ص15)، ولم يكن الشيخان موفقين في استعمالهما، فأما ابن مالك فجعل الجار ومجروره شبه جملة وهو في الحق جزء من الجملة فهو معدود بهذه المثابة جملة، وليس ثمّ كبير فائدة في مفهومه الذي اقتصر عليه، أما ابن هشام فلأنه عدّ الجار والمجرور والظرف وما أضيف إليه من قبيل شبه الجملة من غير تحديد، ثم جاء مَن بعده فتلقوا قوله بالقبول، وشاع بين الناس إطلاق هذا المصطلح سواء أتعلق الجار أو الظرف بعامل مذكور أم تعلقا بعامل محذوف. والذي أرى أنه أجدى في تحرير مصطلح (شبه الجملة) القول: إن المقصود بشبه الجملة ما شابه الجملة الفعلية من حيث التركيب وخالفها من حيث الاستقلال؛ إذ يمكن أن تأتي الجملة مستقلة، أما شبه الجملة فلا تكون إلا جزءًا من غيرها، وليس يشابه الجملة الفعلية في التركيب سوى الاسم العامل عمل الفعل، فهو ومعموله شبه جملة لافتقاره إلى غيره وهو ما عبر عنه في النحو بالاعتماد، والمصطلح بهذا المفهوم جاء محررًا في (شرح الكافية 2: 220)، قال الرضي: «وشبه الجملة: إما اسم الفاعل مع مرفوعه، نحو: زيد متفقِّئ شحمًا، والبيت مشتعل نارًا، أو اسم المفعول معه، نحو: الأرض مفجرة عينًا، أو أفعل التفضيل معه، نحو: {أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا} (34) سورة الكهف، و{خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا} (24) سورة الفرقان، أو الصفة المشبهة معه، نحو: زيد طيب أبًا، أو المصدر نحو: أعجبني طيبه أبًا، وكذا كل ما فيه معنى الفعل نحو: حسبك بزيد رجلاً، وويْلمّ زيدٍ رجلاً، ويا لِزيدٍ فارسًا». إذن من أين جاءت تسميتهم الجار ومجروره والظرف ومضافه شبه جملة؟ جاء ذلك بسبب أن العامل وهو الفعل وما عمل عمله يقيد بالجار والظرف، وكان العامل قد يعرض له الحذف ويبقى قيده من حرف أو ظرف فيطلق على ما بقي على نحو من التوسع شبه جملة، وليس هذا الذي اتخذوه بمفيد لتحرير الظاهرة؛ إذ المفيد الانطلاق مما حرره الرضي من أمر شبه الجملة كما ورد في النص السابق، ويمكن القول إن الجار والظرف متى جاءا خلفًا للاسم العامل بعد حذفه هو شبه الجملة لأنه قيده، ويطرد حذف الاسم العامل في الخبر والنعت والحال، مثل: محمد في الجامع، أي كائن في الجمع، ورأيت رجلا في الجامع أي كائنًا في الجامع، ونهر الرجل ابنه بقوة. فثلاثة المواضع هذه هي ما يجوز أن نطلق فيها على الجار والظرف مصطلح شبه الجملة قاصدين تعلقها باسم محذوف، فإن افترضنا المحذوف فعلا فليست من قبيل شبه الجملة، ولذلك لا يأتي شبه الجملة خلافًا لابن مالك صلة للموصول؛ لأن الصلة في الحقيقة جملة فإن جاءت جارًا أو ظرفًا فإنما ذلك قيد على فعل أي هو جملة من حيث كان بقية جملة. وعلى ذلك ليس من شبه الجملة ما تعلق من حرف أو ظرف بعامل مذكور. وبهذا ينحصر شبه الجملة بأمرين الأول الوصف العامل، والآخر الجار أو الظرف الذي يخلف الاسم الوصف العامل المحذوف.