الجزيرة الثقافية – صالح الخزمري :
من المسلم به أن الجوائز أيا كانت تذكي روح المنافسة في أي مجال كان سواء بقيمتها المادية أو المعنوية وإن كانت الثانية هي الأجدى بحكم استمرار وهجها وبقاء ذكرياتها ولا شك أن الجوائز الأدبية أحد أهم هذه الجوائز سيما وهي تمنح لمبدعين برزوا في مجالات إبداعية ولم يجدوا الرعاية من المؤسسات الثقافية وخاصة إذا كانوا ممن زهدوا في الأضواء، لاشك أن دور هذه الجوائز مهم في تنشيط الحراك الثقافي فهي تفتح آفاقا واسعة أمام الكثير من الكتاب والمبدعين وإذكاء روح التنافس الشريف بين المبدعين وخصوصا الشباب منهم، ولاشك أنها بذلك تشكل رافدا مهما لإثراء الثقافة العربية بكل فروعها ولم تعد مقصورة على فرع دون آخر فهناك جوائز للشعر وأخرى للقصة وثالثة للرواية وبعضها للدراسات النقدية وتوسعت أبواب تلك الجوائز حتى لا يكاد يخلو منها بلد عربي أو غربي، ومن المؤكد أن الجائزة تكبر قيمتها بمصداقيتها وحيادها وهذا ما جلب لبعض الجوائز السمعة العالية وجعل المبدعين يتقدمون لها في كل دورة مثل الجوائز العالمية التي غطت شهرتها الآفاق؛ كجائزة نوبل وجائزة البوكر للرواية وجائزة الملك فيصل وجائزة البابطين وجائزة العويس، ومن الجوائز الحديثة والتي برزت في المملكة جوائز سوق عكاظ في فروعها:
- شاعر عكاظ - شاعر شباب عكاظ - مسابقة لوحة وقصيدة - التصوير الضوئي - الحرف اليدوية - الفلكلور الشعبي، هذه الجائزة إن كانت حديثة النشأة مقارنة بالجوائز السابقة إلا أنها لقيت انتشارا واسعا وسمعة طيبة على المستويين المحلي والخارجي، وقد برزت عدد من الجوائز الأدبية لمثقفين سعوديين في الداخل والخارج وصاحبها صوالين أدبية شهيرة قدمت الكثير لمحبي الكلمة بل الإبداع في شتى صوره، والسؤال المطروح عن الجوائز المهاجرة إلى خارج الوطن ولماذا لا يحتويها الوطن مع أن المناخ الآن جيد في المملكة في العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين وما قدمته وزارة الثقافة والإعلام ووجه به معالي الوزير د. عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة من تهيئة المناخ الثقافي والقضاء على الروتين، وهناك من يرى عدم صحة تسميتها جوائز مهاجرة لأن الوطن العربي وطن واحد والإبداع والتميز لا جنس ولا وطن له هذه الجوائز لاشك أنها شرفت الوطن في الخارج وأعطت صورة أن الإنسان السعودي صاحب ثقافة عريقة ولم تشغله المدنية عن ثقافته الأم حيث لم يبخل أصحابها بمالهم وأوقاتهم،
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هل أصحاب هذه الجوائز الذين يقيمونها بالخارج هو بسبب عدم وجود البيئة المناسبة لإطلاق هذه الجوائز في الداخل وهل هناك عراقيل إدارية في هذا السياق وهل فعلا: زامر الحي لا يطرب.
هذه الجوائز هي من الشهرة بمكان وتزداد ألقاً يوما بعد يوم ومنها:
- جائزة الشيخ محمد صالح باشراحيل للإبداع الثقافي والتي يشرف عليها الشاعر د. عبدالله با شراحيل - صاحب المنتدى الشهير في مكة - ويقوم عليها مستشارون عمالقة من داخل وخارج المملكة وتتمثل فروع الجائزة في:
الشعر - السرد- الدراسات النقدية - الدراسات الإنسانية والمستقبلية -وقد كرمت عددا من الرموز العربية عن جدارة واستحقاق.
- الجائزة التي أنشأها أحمد محمد با ديب وهي جائزة التفوق العلمي للمرأة العربية والتي يشرف عليها معهد العالم العربي بباريس بالتعاون مع الشبكة العالمية للبحث حول العالم وتعد أول جائزة سنوية تخصص للجهد النسوي العربي المتميز في مجال العلوم وتهدف الجائزة إلى دعم التفوق العلمي النسوي العربي ودحض الصورة القاتمة عن علاقة الرجل العربي بالمرأة.
- جائزة شاعر مكة محمد حسن فقي والتي يمولها الشيخ أحمد زكي يماني وتمنح لشعراء مجيدين رفعوا شأن اللغة العربية وبينوا جمالياتها ويصاحب الجائزة إقامة ندوة مصاحبة للحديث عن ما يخص الشعر.
- جائزة د. غازي عوض الله وجا ئزة د. عبدالمحسن القحطاني والتي تعد أحدث هذه الجوائز وتنقسم الجائزة إلى قسمين: الأول في مجال الدراسات الأدبية والنقدية وجائزة خاصة بجامعة المنيا في مصر.
وإذاما تحدثنا عن هذه الجوائز المهاجرة فإننا لا يمكن أن ننسى بالمقابل تلك الجهود الرائعة من المثقفين في الداخل والمتمثلة في إنشاء عدد من الصوالين الأدبية الشهيرة مثل: اثنينية خوجة وأحدية عشقي وأحدية نصيف وصالون سارة الخثلان وصالون سلطانة السديري وغيرها إضافة إلى جائزة الإبداع والدراسات الأدبية والنقدية المقدمة من رجل الأعمال أحمد محمد با ديب تحت رعاية نادي جدة الأدبي.
والقارئ للانطباعات حول هذه الجوائز المهاجرة يجد أن هناك تباينات حادة بين مؤيد ومعارض لهذه الجوائز في الخارج ونجد التساؤلات هل هي حقا تساهم في نقل الحراك الثقافي السعودي للخارج وتهدف إلى الالتقاء بشريحة أكبر من المثقفين والأدباء أم أنها عبارة عن وجاهة ليس إلا، وهل غياب التنظيم بخصوص الصوالين الأدبية والجوائز هو سبب هجرتها للخارج؟
ولاشك أن من حسنات هذه الجوائز أنها تحمل أسماء أدبائنا الكبار في العواصم العربية منها: جائزة محمد حسن فقي التي يدعمها الشيخ أحمد زكي يماني.
ولاشك أننا إن عدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلا سنجد تجربة الصوالين الأدبية خارج المملكة والتي كانت تشهدها مصر تحديدا مثل صوالين حمزة شحاته وحسن عبدالله القرشي وعبد الله عبدالجبار، فهل هذه الجوائز امتداد لذلك الزمن الجميل وإحياء لأسماء أولئك الرواد؟