طرح الدكتور عبدالله البريدي مؤخرا ورقة بحثية في ندوة فكرية متخصصة نظمها مركز الأمير عبدالمحسن بن جلوي في الشارقة وقد تناول الدكتور البريدي في ورقته معضلة انخفاض الفعالية الحضارية لمشاريع العمل الإسلامي، وقد تضمنت الورقة تحليلا لمصطلح «العمل الإسلامي» وقد نص في ورقته على إشكاليات ضخمة في الفكر العربي الإسلامي المعاصر، وقد آن أوان إعادة النظر في تلك الإشكاليات بأدوات التشخيص الثقافي الحضاري، الأمر الذي يقتضي - ضمن أمور أخرى - مدارسة تلك الإشكاليات في إطار يأخذ بعين الاعتبار والتفحص تموضع الأمة العربية والإسلامية في المسار الحضاري، إذ إن تحديد الموضع الحضاري يعين على تشخيص الأدواء الثقافية المتجذرة في بنية التحضر/التخلف في مجتمعاتنا؛ تشخيصاً دقيقاً يراعي حيثيات المرحلة التي تعايشها الأمة العربية والإسلامية ومقتضياتها في جوانبها المختلفة، مما يمنحنا نظراً أثقب وسبراً أعمق لأصل المشكلة ولبها وسبل معالجتها.
وصرح البريدي بأن المعالجة التشخيصية لن تمرر مصطلح «العمل الإسلامي» دون مساءلة وتمحيص، وكأنه بات من المقدسات أو المسلمات أو المفاهيم البريئة من الإشكاليات، إذ قد نكتشف -أو يكتشف غيرنا لاحقاً- أن هذا المصطلح بحمولاته ودلالاته جزء من الإشكالية، وربما يكون جزءاً من الحل، وقد يكون جزءاً من هذا وذاك؛ بعد تعديل وتحوير تقتضيه شرائط العمل النقدي المنهجي وفق التحديات الكبار والمستجدات في المشهد الثقافي في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، المتصف بديناميكية عالية وشبكة علاقات معقدة للغاية. ثم واصلت الورقة التحليل للمصطلح بالقول نحن الآن لدينا كلمتان: «عمل» و«إسلامي»، بل «العمل» و«الإسلامي» فهي محلاة بأل التعريف، وربما يلجئنا الرصد التتبعي القائم على جملة من الملاحظات التراكمية للمشهد الثقافي الذي ينشط فيه «العمل الإسلامي» إلى أن نفتئت على «نحوية أل» –الجنسية والعهدية– فننحت لها معاني «حركية» جديدة، قد لا تكون مجافية للمعاني النحوية بل هي مرتبطة بها بشكل أو بآخر، والحقيقة أن «أل» التعريف في «العمل الإسلامي» تحيلنا إلى معان متعددة، ولكني آثرت أن أكثف تحليلي حول ثلاثة معان رئيسة محتملة: «أل التضخيم»، و«أل التزكية»، و«أل التحشيد» أو «أل التخندق».