Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/07/2010 G Issue 13811
الخميس 10 شعبان 1431   العدد  13811
 
تقريباً
الفن المعاصر تحت مسماه
ضياء يوسف

 

«الفن أكبر من أن يكون قناعا ضبابيا يختفي خلفه بحركة تغريبية متعمدة الواقع الاجتماعي والفكري للحياة. الفن اليوم لم يأتِ كسابقه لتمييع كيان الإنسان»، وكما يقولها أرنست فيشر: «إن الاتجاه لتحويل الإنسان إلى لغز في مسرحية الخفايا الكونية ولطمس وجهه الاجتماعي ووجه الفرد أيضا لن يؤدي إلا إلى الضياع. يصبح الإنسان كأنه سحلية تزحف من لاشيء إلى لا شيء. وبذلك يصبح الواقع لاواقع والإنسان غير الإنسان».

لذلك ولأن هذا ينطبق حرفيا على نوع من الفن أسس لنفسه بيننا جيدا متنازلا وبطواعيه عن دوره الاجتماعي والفكري فمن الواجب القول إن الفن المعاصر اليوم وعالميا في بيئته التطبيقية والفكرية اعتمد احتراما مضاعفا لوسائل التنوير المعرفي لجميع الشعوب دون تمييز، ودعم مبادئ الثورة على عقد التبعية والإسار الاستعماري المفاهيمي للسلطة الغربية على الفن.

هذه المبادئ العامة وكما هو واضح مبادئ يصادق عليها صميم بيئتنا العربية حيث ميلنا وحاجتنا للعدل ماسة ومستحقة لذلك فإن تخمين حجم ميلنا الفني للإعلان عن حقنا في التعبير كمبدأ وبالتالي حجم ميلنا للفن المعاصر وتقبل هذا من جمهورنا.. لايعد تخمينا استثنائيا، بالنظر إلى السياق الذي سيجد فيه الحدث الفني بالضرورة وسائله لانفتاح وحضور التعبير العربي عن منظومة المبادئ والقيم الخاصة به بكافة الأشكال الممكنة. والتي هي بذاتها تحقق أيقونة غنية جدا لتغذية التعبير الفني عالميا بثيمات فكرية أصيلة.

إن بيئتنا الفنية المحلية بيئة محظوظة من حيث كونها مازالت نقية لم يدخل بها ذلك الكم من رؤوس الأموال القادرة على تشويه أهدافها أو فرض نوع من السلطة أو القوانين وبالتالي المبادئ المختلفة عنها عليها..فثمة فنانون خرجوا بفنونهم عن تعبيراتهم الذاتية ليمثلوا بفنونهم رؤية الآخر لنا وذلك لأن الآخر هو من سيدفع لشراء العمل. أما البيئة المحلية فمازالت قادرة في مساحة العرض على اختيار أكثر الموضوعات شبها والتصاقا بنا. بل وقادرة على استقطاب الآخر من هذا المنطلق كونه في موقع المستكشف والراغب. لذلك أرى من الواجب على رعاة الفن والفنانين تعمد بيئة حقيقية ذات تعبير معاصر تعتمد المبادئ لا مجرد الأشكال التزيينية.. أن نختار هذا بوعي يعني أن نؤسس واقع فنوننا بمفاهيمنا لا بمفاهيم الآخر التي تحقق ذاتها في فنونه بمهارة، وستصلنا على الأرجح.. وإن لم تصلنا فإن أفضل فنانينا سيذهبون إليها تاركين ساحتنا ليطورها فنانون ملونون جدا بلا فكر أو مبادئ.

إن الخطوة الأولى لتطبيق ذلك هي في تقديم الفن المعاصر تحت مسماه وترك العادة في معارضنا (عادة عرض الفنون الحداثوية كفنون معاصرة) بالإضافة إلى هذا سيكون إيقاف كل فنان وسؤاله عن الفكر الذي يردف عمله ويتشكل العمل كنتيجة عنه.. فعلا تطويريا حقيقيا لجمهور شغوف بالمعرفة ولفنان ملزم بالتفكير.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد